الحكم الثاني : هل الخلوة الصحيحة توجب العدّة والمهر؟
ظاهر الآية الكريمة، وهي قوله تعالى :﴿ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾ الذي هو كناية عن الجماع أنَّ الخلوة ولو كانت صحيحة لا توجب ما يوجبه الجماع من العدّة والمهر، وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، ودليله : أن الله سبحانه وتعالى نفى وجوب العدّة إذا طلقت قبل الجماع، والخلوةُ ليست جماعاً فلا يجب بها العدّة ولا المهر.
وذهب الجمهور ( المالكية والحنفية والحنابلة ) إلى أن الخلوة كالجماع توجب المهر كاملاً، وتوجب العدّة.
١- واستدلوا بما رواه الدارقطني عن ثوبان أن رسول الله ﷺ قال :« من كشف خمار امرأةٍ ونظر إليها وجب الصَدَاق دخل بها أو لم يدخل ».
ب- وروي عن عمر أنه قال :( إذا أغلق باباً وأرخى ستراً ورأى عورة فقد وجب الصَدَاق وعليها العدة ولها الميراث )
ج- وروي عن زُرَاة بن أبي أوفى أنه قال :( قضى الخلفاء الراشدون المهديُّون أنه إذا أرخى الستور، وأغلق الباب، فلها الصداق كاملاً وعليها العدّة دخل بها أو لم يدخل ).
الترجيح : وأنت ترى أن أدلة الجمهور أقوى، وحجتهم أظهر، إذ يحتمل أن يبقى الرجل مع زوجته عاماً كاملاً، يبيت معها في فراش واحد، ولكنَّه لم يجامعها طيلة هذه المدة فلا بدَّ أن نوجب عليه دفع المهر كاملاً، ونلزمها بالعدّة وذلك اعتباراً بالخلوة الصحيحة ودفعاً للنزاع والخلاف.
وقد اختلف القائلون بوجوب العدّة بالخلوة الصحيحة فمنهم من يقول : إنها واجبة ( يانةً، وقضاءً ) ومنهم من يقول بوجوبها قضاءً لا ديانةً لأن القاضي إنما يحكم بالظاهر والرأي الأول أصحّ.
الحكم الثالث : ما هو حكم المطلّقة رجعياً هل تستأنف العدّة إذا راجعها زوجها ثم طلقها قبل المساس؟
اختلف الفقهاء في المرأة المطلّقة رجعياً فيما إذا طلقها زوجها بعد المراجعة قبل أن يمسّها على أقوال :
أ- مذهب الظاهرية : أنه لا عدة عليها جديدة والعدة الأولى قد بطلت بالطلاق الثاني، فلا يجب عليه أن تكمّل العدة الأولى. ( وهذا رأي ضعيف )
ب- مذهب الشافعي : تبني على عدة الطلاق الأول وليس عليها أن تستأنف عدة جديدة.
ح - مذهب مالك وأبي حنيفة : عليها أن تستأنف عدة جديدة، قال القرطبي : وعلى هذا أكثر أهل العلم.
دليل الظاهرية : استدل داود الظاهري ومن قال بقوله أنّ المطلّقة الرجعية إذا راجعها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ثم فارقها قبل أن يمسّها، أنه ليس عليه أن تتم عدتها ولا عدة مستقبلة، لأنها مطلّقة قبل الدخول بها أخذاً بظاهر الآية.
دليل الشافعي : استدل داود الظاهري ومن قال بقوله أنّ المطلّقة الرجعية إذا راجعها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ثم فارقها قبل أن يمسّها، أنه ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستقبلة، لأنها مطلّقة قبل الدخول بها أخذاً بظاهر الآية.