[ ٤ ] أحكام زواج النبي ﷺ
التحليل اللفظي
﴿ أَحْلَلْنَا ﴾ : الإحلال معناه الإباحة، يقال : أحللت له الشيء : أي جعلته له حلالاً، وكل شيء أباحه الله فهو حلال، وما حرّمه فهو حرام. قال في « لسان العرب » : والحِلّ والحلال والحليل : نقيض الحرام. وأحلّه الله وحلّله.
وقوله تعالى في النَّسيء :﴿ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً ﴾ [ التوبة : ٣٧ ] وهذا لك حلّ أي حلال. وقال ابن عباس عن ماء زمزم : هي حِلّ وبلّ أي حلال محلّل.
﴿ أُجُورَهُنَّ ﴾ : مهورهنّ، والمراد في الآية : الأزواج اللواتي تزوجهنّ عليه السلام بصداق، وسمّي المهر أجراً لأنه مقابل الاستمتاع بالمرأة في الظاهر. وأمّا في الحقيقة فهو بذل وعطيّة، لإظهار ( خطر المحل ) وشرفه، كما قال تعالى :﴿ وَآتُواْ النسآء صدقاتهن نِحْلَةً ﴾ [ النساء : ٤ ] أي هبة وعطيّة عن طيب نفس. فالمهر تكريم للمرأة، وإيناس لها، وتطييب لخاطرها. وليس هو مقابل المنفعة أو الاستمتاع كما نبّه عليه الفقهاء.
﴿ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ﴾ : يعني الجواري والإماء، لأنهنّ يُتملكْن عن طريق الحرب والجهاد، بالجهد والتضحية، وبذل النفس والمال في سبيل الله، ولذلك أُطلق عليهن ( ملك اليمين ).
﴿ أَفَآءَ الله ﴾ : أي ممّا غنمته منهنّ، وممَّا ردّه الله عليك من الكفار، كصفية وجويرية، فإنه عليه السلام أعتقهما وتزوجهما. وأصل الفيء : الرجوع، وسمّي هذا المال فيئاً لأنه رجع إلى المسلمين من أموال الكفار بدون قتال، فكأنه كان في الأصل للمسلمين فرجع إليهم بدون حرب ولا قتال.
﴿ هَاجَرْنَ مَعَكَ ﴾ : المراد بالهجرة هي هجرته عليه السلام إلى المدينة المنورة، والمعية هنا ( معك ) يراد بها الاشتراك في الهجرة، لا في الصحبة، فمن هاجرت حلّت له سواءً هاجرت في صحبته أو لم تهاجر في صحبته. قال أبو حيان : تقول : دخل فلان معي، وخرج معي. أي كان عمله كعملي وإن لم يقترنا في الزمان. وإن قلت : فرجعنا معاً اقتضى المعنيان الاشتراك في الفعل. والاشتراك في الزمان.
﴿ يَسْتَنكِحَهَا ﴾ : الاستنكاح طلب النكاح، لأن السين والتاء للطلب، مثل اسنتصر طلب النصرة، واستعجل طلب العجلة، والمراد من قوله :( إن أراد النبي ) أي إن رغب النبي في نكاحها، فالإرادة هنا بمعنى الرغبة في النكاح.
﴿ خَالِصَةً ﴾ : أي خاصة لك لا يشاركك فيها أحد، يقال : هذا الشيء خالصة لك : أي خالص لك خاصة. قال ابن كثير في قوله :﴿ خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين ﴾ أي لا تحل الموهوبة لغيرك. ولو أن امرأة وهبت نفسها لرجل، لم تحلّ له حتى يعطيها شيئاً. وكذا قال مجاهد والشعبي.
﴿ مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ : أي ما أوجبنا على المؤمنين من نفقة، ومهر وشهود في العقد، وعدم تحاوز أربع من النساء. وما أبحنا لهم من ملك اليمين مع الأربع الحرائر من غير عدد محصور.
﴿ حَرَجٌ ﴾ : أي ضيق ومضقة، ومعنى قوله تعالى :﴿ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ﴾ أي لكيلا يكون عليك ضيق في دينك.