فذكرُ الأجور ليس للقيد أو الشرط وغنما هو لبيان الأفضل.
اللطيفة الثالثة : تخصيص ما ملكت يمينه في قوله تعالى :﴿ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ ﴾ للإشارة إلى أنها أحلّ وأطيب مما تشتري من الجلب. فما سُبي من دار الحرب قيل فيه ( سبي طيبة )، وما كان عن طريق العهد قيل ( سبي خبيثة ) والله تعالى لا يرغب لنبيّه إلا في الطيّب، دون الخبيث. أفاده أبو حيان في « البحر المحيط ».
اللطيفة الرابعة : ذُكرَ العم والخال مفرداً، وجُمعَ العمات والخالات في قوله تعالى :﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عماتك وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خالاتك ﴾ قال ابن العربي : والحكمة في ذلك أن العم، والخال في الإطلاق ( اسم جنس ) كالشاعر، والراجز، وليس كذلك في العمة والخالة، وقد جاء الكلام عليه بغاية البيان، على العرف الذي جرى عليه العرب كما قيل :( قالت بنات العم يا سلمى ).
وكقولهم :( إنّ بني عمك فيهم رماح ) وهذا دقيق فتأملوه.
اللطيفة الخامسة : العدول عن الخطاب إلى الغيبة في قوله تعالى :( إن أراد النبيّ ) ثمّ الرجوع إلى الخطاب في قوله ( خالصة لك ) وذكره ﷺ في الموضعين بعنوان ( النبوّة ) للدّلالة على أنّ الاختصاص كان من الله تعالى تكرمةً له لأجل النبوَّة، والتكريرُ للتفخيم من شأنه ﷺ، وبيان استحقاقه الكرامة لنبوته.
قال الزجّاج : وإنما قال :( إن وهبتْ نفسها للنبيّ ) ولم يقل : لك، لأنه لو قال :« لك » جاز أن يتوهّم أن ذلك يجوز لغير رسول الله ﷺ كما جاز في بنات العم وبنات العمات.
وجوه القراءات
أولاً : قوله تعالى :﴿ وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﴾ قرأ الجمهور ﴿ وامرأةً ﴾ بالنصب عطفاً على مفعول ( أحلَلْا ) و ( إنْ وهبت ) بكسر الهمزة شرطية، وقرأ أبو حيْوة ( وامرأةٌ مؤمنةٌ ) بالرفع على الابتداء، والخبر محذوف أي أحللناها لك.
وقرأ الحسن ﴿ أنْ وهبت ﴾ بفتح الهمزة وتقديره : لأن وهبت نفسها للنبيّ.
ثانياً : قرأ نافع وحمزة والكسائي ﴿ تُرجي ﴾ بغير همز، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر ﴿ تُرْجئ ﴾ مهموزاً والمعنى واحد.
ثالثاً : قرأ ابن محيصن، والجوْني ﴿ أنْ تُقِرّ ﴾ بضم التاء وكسر القاف ﴿ أعينَهُن ﴾ بنصب النون، وقرأ الجمهور ﴿ أنْ تَقَرّ أعينُهنّ ﴾ فالأولى من ( أقرّ ) الرباعي، والثانية من ( قرّ ) الثلاثي فتنبه.
رابعاً : قوله تعالى :﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ النسآء ﴾ قرأ الجمهور ﴿ يحلّ ﴾ بالياء، وقرأ أبو عمرو ( تَحلّ ) بالتاء.
قال ابن الجوزي : والتأنيث ليس بحقيقي، إنما هو تأنيث الجمع، فالقراءتان حسنتان.
وجوه الإعراب
أولاً : قوله تعالى :﴿ اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴾ اللاتي : اسم موصول للمؤنث في محل نصب صفة لقوله ( أزواجك ) و ( أجورهنّ ) مفعول ثانٍ لآتيت لأنها بمعنى أعطيت، والمفعول الأول محذوف تقديره : آيتتُهنّ.