وما الحبّ إلاّ نظرة إثر نظرةٍ تزيد نمواً إن تزدْه لَجَاجاً
فالقلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذٍ أظهر.
اللطيفة السابعة : قوله تعالى :﴿ إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً ﴾ الإشارة في قوله ﴿ ذلكم ﴾ يعود إلى ما ذُكر من إيذائه ﷺ، ونكاح أزواجه من بعده، وقد جاء التعبير بلفظ ﴿ ذلكم ﴾ ولم يأت بلفظ ( هذا ) للتهويل والتعظيم.
قال أبو السعود :« وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلته في الشرّ والفساد. وقوله :﴿ كَانَ عِندَ الله عَظِيماً ﴾ أي أمراً عظيماً، وخطباً هائلاً، لا يُقادر قدرُه، وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله ﷺ، وإيجاب حرمته حيّاً وميتاً ما لا يخفى، ولذلك بالغ تعالى في الوعيد ».
وجوه القراءات
أولاً : قرأ الجمهور ﴿ غيرَ ناظرين ﴾ بفتح راء ( غيرَ ) نصباً على الحال، وقرأ ( ابن أبي عبلة ) بالكسر صفة لطعام، قال الزمخشري وليس بالوجه لأنه جرى على غير من هوَ له، فمن حق ضمير ما هو له أن يبرز إلى اللفظ فيقال : غير ناظرين إناه أنتم، قال أبو حيان : وحذف هذا الضمير جائز عند الكوفيّين إذا لم يلبس.
ثانياً : قرأ الجمهور ( إناه ) مفرداً، وقرأ الأعمش ( إناءه ) بمدّة بعد النون، وعلى الأول يكون المعنى : غير ناظرين نضجه، وعلى الثاني يكون المعنى غير ناظرين وقته أو حِينه والله أعلم.
وجوه الإعراب
أولاً : قوله تعالى :﴿ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ ﴾ الآية.
الاستثناء هنا استثناء مفرّع من عموم الأحوال، أي لا تدخلوها في حال من الأحوال إلاّ حال كونكم مصحوبين بالإذن لكم، وتكون ( باء المصاحبة ) مقدرة في الكلام.
وذهب الزمخشري : إلى عدم تقدير الباء، وإلى أن الاستثناء مفرغ من عموم الأوقات، والمعنى : لا تدخلوها في وقت من الأوقات إلاّ وقت الإذن.
وقد ردّ ( أبو حيان ) هذا فقال : وهذا ليس بصحيح، وقد نصوا على أنّ ( أنْ ) المصدرية لا تكون في معنى الظرف، تقول : أجيئك صياح الديك، وقدوم الحاج، ولا يجوز أجيئك أن يصيح الديك، ولا أن يقدم الحاج.
والمسألة خلافية في خلافيات النحاة : والأشهر أنه لا يجوز، وأجاز الأخفش والكسائي ذلك في الحال، فتقول : ما ذهب القوم إلا يوم الجمعة راحلين عنا.
ثانياً : قوله تعالى :﴿ غَيْرَ ناظرين إِنَاهُ ﴾ الآية.
غيرَ، منصوب على الحال من الواو في ﴿ تَدْخُلُواْ ﴾ وإن أُجري وصفاً لطعامٍ ﴿ غَيْرَ ناظرين ﴾ على القراءة الثانية وجب إبراز الضمير، فكان ينبغي أن يقال : إلى طعامٍ غير ناظرين إناه أنتم، وقد بينا ما فيه عند ذكر وجوه القراءات.
ثالثاً : قوله تعالى :﴿ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon