الثاني : أن الكعبة المشرّفة كانت قبلة أبيه إبراهيم خليل الرحمن.
الثالث : أنه ﷺ كان يرغب في تحويل القبلة استمالة للعرب لدخولهم في الإسلام.
الرابع : منشأ الرسول ﷺ في البلد الأمين وفيه المسجد الحرام الذي هو قبلة المساجد فأحب أن يكون هذا الشرف للمسجد الذي في بلتده ومنشئه.
اللطيفة العاشرة : في التعبير عن ( الكعبة ) بالمسجد الحرام إشارة لطيفة إلى أن الواجب مراعاة الجهة دون العين، والسرّ في الأمر بالتولية خاصاً وعاماً ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام ﴾ ثم قال :﴿ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ مع أن خطاب النبي ﷺ خطاب لأمته هو الاهتمام لشأن القبلة، ودفع توهم أن الكعبة قبلة أهل المدينة وحدهم، لأن الأمر بالصرف كان فيها، فربما فهم أن قبلة بيت المقدس لا تزال باقية.
قال الراغب : أما خطابه الخاص فتشريفاً له وإيجاباً لرغبته ﷺ، وأما خطابه العام بعده فلأنه كان يجوز أن يعتقد أن هذا قد خُصّ ﷺ به، كما خُصّ في قوله ﴿ قُمِ اليل ﴾ [ المزمل : ٢ ]، ولما كان تحويل القبلة له خطر خصّهم بخطاب مفرد.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما المراد بالمسجد الحرام في القرآن الكريم؟
ورد ذكر ﴿ المسجد الحرام ﴾ في آيات متفرقة من القرآن الكريم، وفي السنة المطهرة أيضاً، وقصد به عدة معان :
الأول : الكعبة، ومنه قوله تعالى :﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام ﴾ أي جهة الكعبة.
الثاني : المسجد كلّه، ومنه قوله ﷺ :« صلاةٌ في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام » وقوله ﷺ :« لا تُشدّ الرحالُ إلاّ إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ».
الثالث : مكة المكرمة كما في قوله تعالى :﴿ سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ﴾ [ الإسراء : ١ ] وكان الإسراء من مكة المكرمة، وقوله تعالى :﴿ هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام ﴾ [ الفتح : ٢٥ ] وقد صدورهم عن دخول مكة.
الرابع : الحرم كله ( مكة وما حولها من الحرم ) كما في قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا ﴾ [ التوبة : ٢٨ ] والمراد منعهم من دخول الحرم.
والمراد بالمسجد الحرام هنا هو المعنى الأول ( الكعبة ) والمعنى : فولّ وجهك شطر الكعبة.


الصفحة التالية
Icon