﴿ محاريب ﴾ : أي قصور عظيمة، ومساكن حصينة، قال القرطبي : المحراب في اللغة : كل موضع مرتفع، وقيل للذي يُصلّى فيه : محراب، لأنه يجب أن يرفع ويعظّم، قال الشاعر :
جمع الشجاعة والخضوع لربه | ما أحسن المحراب في المحراب |
كدُمَى العاج في المحاريب أوكالْ | بيْض في الرّوض زهرة مستينر |
وقيل المراد بالمحاريب : المساجد، ونقل عن قتادة : أنها المساجد والقصور الشامخة. وسمي القصر بالمحراب لأنه يحارب من أجله، ومما يرجح هذا الرأي أن الله تعالى ذكر أنها من عمل الجن، ولعلّ عمل القصور الضخمة الشامخة كان مما يستعصي على الناس في ذلك الزمن لجهلهم بفن العمارة، فكانت الجن مسخّرة لسليمان لتعمل له تلك الأعمال التي يعجز عنها البشر.
﴿ وتماثيل ﴾ : جمع تمثال وهو في اللغة : الصورة، ومثّل الشيء : صوَّره حتى كأنه ينظر إليه، قال في اللسان : ومثّل الشيء بالشيء، سوّاه وشبّهه به، وجعله مثله وعلى مثاله، والتمثال : اسم للشيء المصنوع مشبهاً بخلق من خلق الله، وأصله من مثَّلْت الشيء بالشيء : إذا قدرته على قدره، ومثال الشيء ما يماثله ويحكيه، ولم يرد في القرآن هذا الوزن ( تِفْعال ) إلا في لفظين :( تِلْقاء، وتِبْيان ).
وقال القرطبي :« التمثال : كل ما صوّر على مثل صورة من حيوان، أو غير حيوان ».
﴿ وَجِفَانٍ ﴾ : جمع جفنة، وهي القصعة الكبيرة قال الشاعر :
وإذا هاجت شمالاً أطعموا | في قدورٍ مشبعات لم تُجَع |
وجفانٍ كالجوابي مُلئت | من سمينات الذّرى فيها تَرَع |
ثقال الجفون والحلوم رحاهم | رحا الماء يكتالون كيلاً عذمذماً |
﴿ كالجواب ﴾ : جمع جابية، وهي الحوض الكبير يُجبى فيه الماء، أي يجمع قال الأعشى :
نفى الذمّ عن آل المحلّق جفنةٌ | كجابية الشيخ العراقيّ تَفْهَقُ |
﴿ راسيات ﴾ : أي ثوابت، يقال : رسا الشيء يرسو : إذا ثبت، والمراد أنها لعظمها لا تنقل فهي ثابتة في أماكنها، ومنه قيل للجبال : رواسي، قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ ﴾ [ المرسلات : ٢٧ ].
قال ابن العربي :« راسيات : أي ثوابت لا تُحمل ولا تُحرّك لعظمها، وكذلك كانت قدور عبد الله بن جدعان، يُصعد إليها في الجاهلية بسُلم، وعنها عبّر ( طرفة بن العبد ) بقوله :
كالجوابي لا تَني مُتْرعةً | لِقرى الأضياف أو للمحتَضر |