وفي الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :« خرج عُنق من النار يوم القيامة، له عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق يقول : إني وكّلت بثلاث : بكلّ جبَّارٍ عنيد، وبكلّ من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين ».
وفي البخاري « أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة المصوّرون » يدل على المنع من تصوير أيّ شيء كان.
وقال الإمام النووي : إنَّ جواز اتخاذ الصور إنما هو إذا كانت لا ظل لها، وهي مع ذلك مما يوطأ ويداس، أو يمتهن بالاستعمال كالوسائد.
وقال العلامة ابن حجر في شرحه للبخاري :« حاصل ما في اتخاذ الصور إنها إن كانت ذات أجسام حَرُمَ بالإجماع، وإن كانت رقماً في ثوب فأربعة أقول :
الأول : يجوز مطلقاً عملاً بحديث إلا رقماً في ثوب.
الثاني : المنع مطلقاً عملاً بالعموم.
الثالث : إن كانت الصورة باقية بالهيئة، قائمة الشكل حرم، وإن كانت مقطوعة الرأس، أو تفرقت الأجزاء جاز، قال : وهذا هو الأصح.
الرابع : إن كانت مما يمتهن جاز وإلاّ لم يجز، واستثني من ذلك لعب البنات. ا ه.
حكم التصوير الفوتوغرافي
يرى بعض المتأخرين من الفقهاء أن التصوير الشمسي ( الفوتوغرافي ) لا يدخل ( دائرة التحريم ) الذي يشمله التصوير باليد المحرّم، وأنه لا تتناوله النصوص النبوية الكريمة التي وردت في تحريم التصوير، إذ ليس فيه ( مضاهاة ) أو مشابهة لخلق الله، وأن حكمة حكم الرقم في الثوب المستثنى بالنص.
يقول فضيلة الشيخ السايس ما نصه :»
ولعلك تريد أن تعرف حكم ما يسمى بالتصوير الشمسي فنقول : يمكنك أن تقول إنّ حكمها حكم الرقم في الثوب، وقد علمت استثناءه نصاً، ولك أن تقول : إنّ هذا ليس تصويراً، بل حبساً للصورة، وما مَثَلُه إلا كمثل الصورة في المرآة، لا يمكنك أن تقول إن ما في المرآة صورة، وإن أحداً صوّرها.
والذي تصنعه آلة التصوير هو صورة لما في المرآة، غايةُ الأمر أن المرآة ( الفوتوغرافيه ) تثبت الظل الذي يقع عليها، والمرآة ليست كذلك، ثم توضع الصورة أو الخيال الثابت ( العفريته ) في حمض خاص فيخرج منها عدة صور، وليس هذا بالحقيقة تصويراً، فإنه إظهار واستدامة لصور موجودة، وحبس لها عن الزوال، فإنهم يقولون : إن صور جميع الأشياء موجودة غير أنها قابلة للانتقال بفعل الشمس والضوء، ما لم يمنع من انتقالها مانع، والحمض هو ذلك المانع، وما دام في الشريعة فسحة بإباحة هذه الصور، كاستثناء الرقم في الثوب فلا معنى لتحريمها خصوصاً وقد ظهر أن الناس قد يكونون في أشد الحاجة إليها « ا ه.
أقول : إن التصوير الشمسي ( الفوتوغرافي ) لا يخرج عن كونه نوعاً من أنواع التصوير، فما يخرج بالآلة يسمّى ( صورة )، والشخص الذي يحترف هذه الحرفة يسمى في اللغة والعرف ( مصوّراً ) فهو وإن كان لا يشمله النص الصريح، لأنه ليس تصويراً باليد، وليس فيه مضاهاة لخلق الله، إلاّ أنه لا يخرج عن كونه ضرباً من ضروب التصوير، فينبغي أن يقتصر في الإباحة على ( حدّ الضرورة )، وما يتحقق به من المصلحة، قد يكون إلى جانبها مفسدة عظيمة، كما هو حال معظم المجلات اليوم، التي تنفث سمومها في شبابنا وقد تخصّصت للفتنة والإغراء، حيث تُصَوَّر فيها المرأةُ بشكل يندى له الجبين، بأوضاع وأشكال تفسد الدين والأخلاق.


الصفحة التالية
Icon