قال ابن العربي : وهو الصحيح لعموم الآية فيه، والتخصيصُ لا دليل عليه.
الحكم الثاني : ما المراد من قوله تعالى :﴿ فَضَرْبَ الرقاب ﴾ في الآية الكريمة؟
ذهب ( السّدي ) وجمهور المفسرين إلى أن المراد منه ( قتل الأسير صبراً ).
والراجح هو الأول : لأن الآية الكريمة وهي قوله تعالى :﴿ فَضَرْبَ الرقاب حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق ﴾ قد جعلت ( الإثخان ) وهو الإضعاف لشوكة العدو غايةً لضرب الرقاب، فأين هو قتل الأسير صبراً؟ مع العلم بأنه إنما يقع في الأسر بعد إثخانه وضعفه، فيكون قول جمهور المفسرين هو الأرجحُ، بل هو الصحيح.
الحكم الثالث : ما المراد من الفداء وما هي أنواعه؟
ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد إطلاق سراح الأسير في مقابل ما يأخذه المسلمون منهم، وقد يكون المقابل ( أسرى ) من المسلمين عند الكفار بطريق التبادل.
وقد يكون المقابل ( مالاً ) أو عتاداً يأخذه المسلمون في نظير إطلاق الأسرى.
وقد يكون العوض ( منفعة ) كما كان في غزوة بدر، فقد كان من ليس عنده مال يفدي به نفسه أمره ﷺ أن يعلّم عشرة من أولاد المسلمين القراءة والكتابة.
فالمراد من الفداء كل ما يأخذه المسلمون من أعدائهم من مال، أو عتاد، أو منفعةٍ، أو مبادلة أسرى بأسرى وغير ذلك.
الحكم الرابع : ما معنى قوله تعالى :﴿ حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا ﴾ ؟
اختلف المفسرون في معنى الآية الكريمة على عدة أقوال :
أ- قال ابن عباس : تحتى لا يبقى أحد من المشركين يقاتل.
ب- وقال مجاهد : حتى لا يكون دين إلاّ دين الإسلام.
ج - وقال سعيد بن جبير : حتى ينزل المسيح بن مريم وحينئذٍ ينتهي القتال.
والقول الأخير ضعيف، لأنّ نزول عيسى ابن مريم ليس في الآية ما يدل عليه، وإنما يؤخذ من الأحاديث الشريفة، فبنزوله يدخل الناس في الإسلام ولا يبقى على ظهر الأرض كافر، كما دلت عليه السنة المطهرة، ولكنّ الآية ليس فيها ما يشير إلى هذا المراد من قريب أو بعيد.
ومما يدل على أن المراد بالآية الكريمة ظهور الإيمان، واندحار الكفر بحيث تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى قوله تعالى : في سورة الأنفال [ ٣٩ ] :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله ﴾ الحكم الخامس : هل يجوز قتل الأسير؟
اتفق الفهاء على جواز قتل الأسير، حتى قال :« الجصّاص » لا نعلم في ذلك خلافاً فيه، وقد تواترت الأخبار عن النبي ﷺ في قتله لبعض الأسرى منها :
أ- ما روي أن النبي ﷺ قتل ( أبا عزة ) الشاعر يوم أحد.
ب- وقتل ( عُقْبة بن أبي مُعَيط ) صبراً، و ( النضر بن الحارث ) بعد الأسر في بدر.


الصفحة التالية
Icon