« أُغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، أُغزوا ولا، تَغُلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً ».
وكذلك فعل الخلفاء الراشدون، ففي وصية أبي بكر رضي الله عنه لأسامة بن زيد حين بعثه إلى الشام :« لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً، ولا تحرّقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلاّ لمأكله، وسوف تمرّون بأقوام قد فرّغوا أنفسهم له ».
وهكذا كانت رحمة الإسلام في الحرب، ممثلة بمبادئه الإنسانية الرحيمة، فالإسلام حين يبيح الحرب يجعلها مقدرة بقدرها، فلا يقتل إلاّ من يقاتل في المعركة، وأمّا من تجنّب الحرب فلا يحل قتله أو الاعتداء عليه ﴿ فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ].
﴿ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله الذين يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تعتدوا إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المعتدين ﴾ [ البقرة : ١٩٠ ].
لقد حرّم الإسلام قتل النساء، والشيوخ، والأطفال، وقتل المرضى والرهبان.
وحرّم ( المُثْلَة ) والإجهاز على الجريح، وتتبّع الفارَّة، وتحريق البيوت والأشجار. وذلك تمشياً مع نظرته الإنسانية المثلى، في حماية المستضعفين، ودفع الظلم والعدوان، ولأن الحرب كعملية جراحية، يجب ألاّ تتجاوز موضع المرض من جسم الإنسان.
فلا عجب أن نرى هذه الرحمة ممثّلة في تعاليم القرآن، تدعو إلى الإحسان إلى الأسرى ثمّ إلى المنّ عليهم والفداء، حتى تنتهي المعركة لما فيه خير الإنسانية بانتصار الحق واندحار الباطل وصدق الله العظيم :﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا ﴾.
فللَّه ما أرحم الإسلام! وما أسمى مبادئه وأحكامه!!


الصفحة التالية
Icon