وقال عطاء : الشك والنفاق ونقل عن ابن عباس.
وقال ابن عباس : الرياء والسمعة ونقل عن ابن جريج.
وقال مقاتل : المن.
وقيل : العُجْب فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
وقيل المراد بالأعمال الصدقات أن تعطلوها بالمن والأذى.
قال القرطبي : وكله متقارب وقول الحسن يجمعه.
اللطيفة الثالثة : قوله تعالى :﴿ وَأَنتُمُ الأعلون ﴾ : استعمال العلو في رفعة المنزلة مجاز مشهور، أي أنتم أعز منهم لأنكم مؤمنون والحجة لكم، وإن غلبوكم في بعض الأوقات وذلك كقوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ المنافقون : ٨ ].
وقيل ﴿ وَأَنتُمُ الأعلون ﴾ : أي أنتم أعلم بالله منهم.
وقال الجصاص : أي وأنتم أعلم بالله منهم.
وقال الجصاص : أي وأنتم أولى بالله منهم.
وكلها متقاربة فالإيمان يرفع منزلة أهله ويعزهم.
اللطيفة الرابعة : قال الفخر الرازي : قوله ﴿ وَلَن يَتِرَكُمْ أعمالكم ﴾ وعد لأن الله تعالى لما قال :﴿ والله مَعَكُمْ ﴾ كان فيه أن النصر بالله لا بكم، فكأَن القائل يقول : لم يصدر مني عمل له اعتبار، فلا استحق تعظيماً، فقال : هو ينصركم ومع ذلك لا يَنْقُص من أعمالكم شيئاً، ويجعل كأن النُصرة جعلت بكم، ومنكم، فكأنكم مستقلون في ذلك، ويعطيكم أجر المستبد.
اللطيفة الخامسة : في الآية الكريمة دعوة إلى العزّة والكرامة، وتشجيع للمؤمنين للجهاد والنصال، لمجابهة أعدائهم دون وهن أو خور، لأن المؤمن لا يرضى بحياة الذلك والهوان، وقد أحسن من قال :
عش عزيزاً أو مت وأنت كريم | بين طعن القنا وخفق البنود |
الحكم الأول : قوله تعالى :﴿ وَلاَ تبطلوا أعمالكم ﴾ يدل على أن كل من دخل في قُربة، لم يجز له الخروج منها قبل إتمامها.
واختلف العلماء في هذا الحكم على مذهبين.
فذهب ( الشافعي وأحمد ) إلى أن للمرء أن يترك النافلة إذا شرع فيها ولا شيء عليه ما عدا الحج فيجب عليه الإتمام، وأما في الصلاة والصوم فيستحب له الإتمام ولا يجب.
وذهب ( أبو حنيفة ومالك ) إلى أنه ليس له ذلك، فإذا أبطله وجب عليه القضاء.
أدلة المذهب الأول :
قالوا : هو تطوع، والمتطوع أمير نفسه، وإلزامه إياه مخرج عن وصف التطوع قال تعالى :﴿ مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ ﴾ [ التوبة : ٩١ ].
وقالوا في جواب الاستدلال بالآية : المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض. فنهي الرجل عن إحباط ثوابه، فأما ما كان نفلاً فلا، لأنه ليس واجباً عليه.
واللفظ في الآية وإن كان عاماً، فالعام يجوز تخصيصه، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع والتطوع يقتضي تخييراً.
أدلة المذهب الثاني :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تبطلوا أعمالكم ﴾ أفاد أن التحلل من التطوع بعد التلبس به لا يجوز لأن فيه إبطال العلم وقد نهى الله عنه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أنا وحفصة صائمين فأهدي لنا طعام، فأكلنا منه فدخل رسول الله ﷺ، فقالت حفصة وبدرتني، وكانت بنت أبيها : يا رسول الله، إني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا طعام فأفطرنا عليه فقال :« اقضيا مكانه يوماً ».