د- وقال عليه السلام في عمار :« تقتله الفئة الباغية ».
فهذه الأحاديث صريحة في وجوب قتال أهل البغي ومن شايعهم على باطلهم من أهل الفجور والضلال.
قال الجصّاص :« ولم يختلف أصحاب رسول الله في وجوب قتال ( الفئة الباغية ) بالسيف إذا لم يردعها غيره، ألا ترى أنهم كلهم رأوا قتال الخوارج ولو لم يروا قتال الخوارج وقعدوا عنهم لتقلوهم وسبوا ذراريهم ونساءهم. فإن قيل قد جلس عن علي جماعة من أصحاب النبي ﷺ منهم :( سعد، وأسامة بن زيد، وابن عمر ) !! قيل له : لم يقعدوا عنه لأنهم لم يروا قتال الفئة الباغية، وجائزٌ أن يكون قعودهم عنه لأنهم رأوا الإمام مكتفياً بمن معه، مستغنياً عنهم بأصحابه فاستجازوا القعود عنه لذلك، ألا ترى أنهم قعدوا عن قتال الخوارج، لا على أنهم لم يروا قتالهم واجباً، لكنهم لما وجدوا من كفاهم قتل الخوارج استغنوا عن مباشرة قتالهم ».
الحكم السادس : هل تكون أموال البغاة غنيمة للمسلمين؟
اختلف العلماء في حكم أموال البغاة هل تكون غنيمة للمسلمين؟ أم تردّ إليهم بعد الصلح وانتهاء الحرب؟
أ- فقال محمد بن الحسن الشيباني : إنّ أموالهم لا تكون غنيمة، وإنما يستعان على حربهم بسلاحهم وخيلهم عند الاستيلاء عليه، فإذا وضعت الحرب أوزارها رُدّ عليهم السلاح والمال.
ب- وقال أبو يوسف : إنّ ما وجد في أيدي أهل البغي من سلاح وعتاد فهو ( غنيمة ) يقسم ويخمّس.
ج - وقال مالك : لا تسبى ذراريهم ولا أموالهم، وهو مذهب الشافعي.
حجة أبي يوسف : أنهم باغون معتدون فيقسم مالهم غنيمة بين المسلمين.
حجة الجمهور : أنّ بغيهم يُحلّ قتالهم ولا يُحلّ أموالهم وذراريهم لأنهم ليسوا كفاراً، وإنما هم مؤمنون باغون، أو فاسقون خارجون عن الطاعة، والأمر بقتالهم من أجل ردّهم إلى صف المؤمنين.
واستدلوا بحديث ابن عمر عن النبي ﷺ أنه قال :« يا عبد الله أتدري كيف حُكْم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ قال : الله ورسوله أعلم، فقال : لا يُجهز على جريحها، ولا يُقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يُقسم فيئها ».
قال القرطبي :« والمعوّل في ذلك عندنا أن الصحابة رضي الله عنهم في حروبهم لم يتبعوا مدبراً، ولا ذفَّفوا على جريح، ولا قتلوا أسيراً، ولا ضمّنوا نفساً ولا مالاً، وهم القدوة ».
الترجيح : والصحيح ما ذهب إليه الجمهور لأنهم ليسوا كفاراً، ولأننا لو أخذنا أموالهم وسبينا ذراريهم بألبوا علينا ولم يمكن ردّهم إلى صف المسلمين والله أعلم.
فائدة هامة : حول ما وقع بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.