سبب النزول
أولاً : عن عائشة رضي الله عنها قالت :
« تبارك الذي وسمع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة، فكلَّمت رسول الله ﷺ وأنا في جانب البيت أسمع كلامها، ويخفى عليَّ بعضه، وهي تشتكي زوجها وتقول : يا رسول الله : أَبْلى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سنِّي، وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك.
قالت : فما برحتْ حتى نزل جبريل بهذه الآيات ».
ثانياً : وقال ابن عباس رضي الله عنهما :
« كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية : أنتِ علي كظهر أمي، حرمت عليه فكان أول من ظاهر في الإسلام ( أوس ) ثمّ ندم، وقال لامرأته : انطلقي إلى رسول الله ﷺ فسليه، فأتته، فنزلت هذه الآيات ».
ثالثاً : وعن خولة بن مالك بن ثعلبة قالت :
ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت، فجئت رسول الله ﷺ أشكو إليه وهو يجادلني فيه ويقول : اتقي الله فإنه ابن عمك.
فما برحتُ حتى نزل القرآن ﴿ قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التي تجادلك فِي زَوْجِهَا... ﴾ إلى الفرض قال : يعتق رقبة، قلت لا يجد، قال : فليطعم ستين مسكيناً.
قلت : ما عنده شيء يتصدق به، قال : فإني سأعينه بعَرَقَ من تمر.
قلت : يا رسول الله وإني أعينه بعَرَق آخر. قال : قد أحسنتِ اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك.
قال : والعَرَق ستون صاعاً.
وجوه القراءات
أولاً : قوله تعالى :﴿ قَدْ سَمِعَ الله ﴾ بإظهار الدال.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بإدغام الدال في السين.
قال الكسائي : من قرأ ﴿ قَدْ سَمِعَ ﴾ فبيَّنَ الدَّال فلسانه أعجمي ليس بعربي.
قال الألوسي :« ولا يلتفت إلى هذا فكلا الأمرين فصيح متواتر، بل الجمهور على البيان ».
ثانياً : قوله تعالى :﴿ تجادلك فِي زَوْجِهَا ﴾ قراءة الجمهور تجادلك من المجادلة وهي المراجعة في الكلام.
وقرئ ﴿ تحاروك ﴾ أي تراجعك الكلام.
ثالثاً : قوله تعالى :﴿ والذين يظاهرون مِن نِّسَآئِهِمْ ﴾ قرأ حفص وعاصم ﴿ يُظَاهِرون ﴾ بضم الياء وكسر الهاء.
وقرأ نافع وابن كثير وعمر ﴿ يَظَّهَّرون ﴾ بتشديد الظاء والهاء وحذف الألف وفتح الياء.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف ﴿ يَظّاهرون ﴾ بفتح الياء وتشديد الظاء وألف.
وقرأ الحسن وقتادة ﴿ يَظَهّرون ﴾ بفتح الياء وفتح الظاء مخففة مكسورة الهاء مشددة، والمعنى ( يقولون لهنَّ أنتُنَّ كظهور أمهاتنا ).
رابعاً : قوله تعالى :﴿ مَّا هُنَّ أمهاتهم ﴾ الجمهور بكسر التاء وهي لغة أهل الحجاز.
وقرأ المفضل عن عاصم ﴿ أمهاتُهم ﴾ بالرفع على لغة تميم.