وقد دلت الآية الكريمة وهي قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ القول وَزُوراً ﴾ على أن الظهار حرام، بل لقد قال فقهاء الشافعية إنه من الكبائر، فمن أقدم عليه اعتبر كاذباً معانداً للشرع.
وقد اتفق العلماء على حرمته فلا يجوز الإقدام عليه، لأنه كذب وزور وبهتان، وهو يختلف عن الطلاق، فالطلاقُ مشروع، وهذا ممنوع، ولو أقدم الإنسان عليه يكون قد ارتكب محرماً ويجب عليه الكفارة.
الحكم الثاني : ماذا يترتب على الظهار من أحكام؟
إذا ظاهر الرجل من امرأته ترتّب عليه أمران :
الأول : حرمة إتيان الزوجة حتى يكفّر كفارة الظهار لقوله تعالى :﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ﴾.
والثاني : وجوب الكفارة بالعود لقوله تعالى :﴿ والذين يظاهرون مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ... ﴾ الآية وسنتحدث عن معنى العود في الحكم الثالث إن شاء الله.
وكما يحرم المسيس فإنه يحرم كذلك مقدماته، من التقبيل، والمعانقة وغيرها من وجوه الاستمتاع، وهذا مذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية، والحنابلة ).
وقال الثوري والشافعي ( في أحد قوليه ) : إن المحرّم هو الوطء فقط، لأن المسيس كناية عن الجماع.
حجة الجمهور :
أ- العموم الوارد في الآية ( من قبل أن يتماسّا ) فإنه يشمل جميع وجوه الاستمتاع.
ب- مقتضى التشبيه الذي هو سبب الحرمة ( كظهر أمي ) فكما يحرم مباشرة الأم والاستمتاع بها بجميع الوجوه، فكذلك يحرم الاستمتاع بالزوجة المظاهر منها بجميع الوجوه عملاً بالتشبيه.
ج - أمر الرسول ﷺ للرجل الذي ظاهر من زوجته بالاعتزال حتى يكفّر.
حجة الشافعي والثوري :
أ- الآية ذكرت المسيس وهو كناية عن الجماع فيقتصر عليه.
ب- الحرمة ليست لمعنى يُخلُّ بالنكاح فأشبه الحيض، الذي يحرم الاستمتاع فيه فيما بين السرة والركبة.
أقول : رأي الجمهور أحوط لأنّ من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، سيّما وقد نقل الإمام الفخر أنّ للشافعي فيه قولين :( أحدهما ) أنه يحرم الجماع فقط. ( والثاني ) أنه يحرم جميع جهات الاستمتاعات، قال : وهو الأظهر. وكفى الله المؤمنين القتال.
الحكم الثالث : ما المراد بالعود في الآية الكريمة؟
اختلف الفقهاء في المراد من العود في قوله تعالى :﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ ﴾ على عدة أقوال.
أ- قال أبو حنيفة : العود : هو عبارة عن العزم على استباحة الوطء والملامسة.
ب- وقال الشافعي : العود : هو أن يمسكها بعد الظهار مع القدر على الطّلاق.
ج - وقال مالك وأحمد : العود : هو العزم على الوطء، أو على الوطء والإمساك.