فالظهار عندهم لا يكون إلاّ من الزوج العاقل البالغ المسلم.
مذهب الشافعي : قال الشافعية : كما يصح طلاق الذمي وتترتب عليه أحكامه، كذلك يقع ظهاره.
وقالوا : يكفّر بالإعتاق، والإطعام، ولا يكفّر بالصوم لأنه عبادة لا تصح إلاّ من المسلم.
قال الألوسي : والعجب من الإمام الشافعي عليه الرحمة أن يقول بصحته مع أنه يشترط النيّة في الكفارة، والإيمان في الرقبة، والكافر لا يملك المؤمن؟
أقول : الراجح رأي الجمهور، واستدلالهم بالكفارة في ( العتق والصيام ) قوي، وأمّا استدلالهم بمفهوم الصفة في الآية الكريمة ( منكم ) فليس بذاك لأن الآية وردت مورد ( التهجين والشنيع ) لما مرّ أن الظهار لم يعرف إلاّ عند العرب فليس فيها ما يدل لهم والله أعلم.
الحكم الخامس : هل يصح الظهار من الأمة؟.
أ- ذهب ( الحنفية والحنبلية والشافعية ) إلى أن الرجل لو ظاهر من أمته لا يصح، ولا يترتب عليه أحكام الظهار، لقوله تعالى :﴿ مِّن نِّسَآئِهِمْ ﴾ لأن حقيقة إطلاق النساء على ( الزوجات ) دون ( الإماء ) بدليل قوله تعالى :﴿ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ [ النور : ٣١ ] فقد غاير بينهنّ، فالمراد بالنساء في الآية الحرائر.
ب- وذهب مالك : إلى صحة الظهار في الأمة مطلقاً لأنها مثل الحرّة.
ج - وروي عن الإمام أحمد : أنه لا يكون مظاهراً، ولكن تلزمه كفارة الظهار.
الحكم السادس : هل يقع ظهار المرأة؟
اتفق الفقهاء على أنه ليس للنساء ظهار، فلو ظاهرت امرأة من زوجها بقولها :( أنت عليّ كظهر أمي فلا كفارة عليها ولا يلزمها شيء ) وكلامها لغو.
قال ابن العربي : وهو صحيح في المعنى، لأن الحَلَّ والعقد، والتحليل التحريم في النكاح من الرجال ليس بيد النساء منه شيء.
وروي عن الإمام أحمد ( في أحد قوليه ) أنه يجب عليها الكفارة إذا وطئها وهي التي اختارها الخرقي.
الحكم السابع : هل الظهار مختص بالأم؟
أ- ذهب الجمهور إلى أن الظهار يختص بالأم، كما ورد في القرآن الكريم، وكما جاء في السنة المطهّرة، فلو قال لزوجته : أنتِ عليّ كظهر أمي كان مظاهراً، ولو قال لها : أنت عليّ كظهر أختي أو بنّتي لم يكن ذلك ظهاراً.
ب- وذهب أبو حنيفة ( والشافعي في أحد قوليه ) : إلى أنه يقاس على الأم جميع المحارم.
فالظهار عندهم هو تشبيه الرجل زوجته في التحريم، بإحدى المحرمات عليه على وجه التأبيد بالنسب، أو المصاهرة، أو الرضاع، إذ العلة هي التحريم المؤبد.
وأمّا من قال لامرأته : يا أختي أو يا أمي على سبيل الكرامة والتوقير فإنه لا يكون مظاهراً، ولكن يكره له ذلك لما رواه أبو داود عن ( أبي تميمة الهجيمي ) أنّ رسول الله ﷺ سمع رجلاً يقول لامرأته : يا أُخَيّة، فكرة ذلك ونهى عنه.


الصفحة التالية
Icon