أقول : ذكر في هذه الرواية أنها ( سبيعة ) والمشهور عند المفسّرين أنها ( أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ) كما نبّه عليه القرطبي وابن الجوزي وغيرهما.
ثانياً : وروي أنّ ناساً من فقراء المسلمين، كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين، ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم وطعامهم فنزلت الآية ﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ... ﴾ الآية.
وجوه القراءات
أولاً : قوله تعالى :﴿ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مهاجرات ﴾ قرأ الجمهور ﴿ مهاجرات ﴾ بالنصب على الحال، وقرئ ﴿ مهاجراتٌ ﴾ بالرفع على البدل من المؤمنات، فكأنه قيل : إذا جاءكم مهاجراتٌ.
ثانياً : قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر ﴾ قرأ الجمهور ﴿ تُمْسكُوا ﴾ بضم التاء والتخفيف من الإمساك، وقرأ أبو عمرو ويعقوب ﴿ تُمَسّكوا ﴾ بضم التاء والتشديد من التمسيك، وقرأ عكرمة والحسن ﴿ تَمَسّكوا ﴾ بفتح التاء والميم والسين المشدّدة.
ثالثاً : قوله تعالى :﴿ وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الكفار فَعَاقَبْتُمْ ﴾ قرأ الجمهور ﴿ فعاقبتم ﴾ وقرأ ابن مسعود والنخعي ﴿ فعقبتم ﴾ بغير ألف وبالتخفيف وقرأ ابن عباس والأعمش ﴿ فعقّبتُم ﴾ بتشديد القاف.
قال الزجّاج : والمعنى في التشديد والتخفيف واحد، أي كانت العقبى لكم بأن غلبتم، وقرأ مجاهد ﴿ فأعقبتم ﴾.
وجوه الإعراب
١- قوله تعالى :﴿ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مهاجرات ﴾. مهاجراتٍ : حال منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم.
٢- قوله تعالى :﴿ الله أَعْلَمُ بإيمانهن ﴾ لفظ الجلالة مبتدأ، وأفعل التفضيل ( أعلم ) خبره، والجملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
٣- قوله تعالى :﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ ﴾ أنْ : في موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر أي منصوب بنزع الخافض، والتقدير : ولا جناح عليكم في أن تنكحوهنّ.
٤- قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَأْتِينَ ببهتان ﴾ : يفترينه؛ جملة فعلية وفي موضعها وجهان من الإعراب : النصب على الحال من المضمر في ( يأتين ) والجر على الوصف ل ( بهتان ).
٥- قوله تعالى :﴿ كَمَا يَئِسَ الكفار مِنْ أَصْحَابِ القبور ﴾ من أصحاب القبور في موضع نصب لأنه يتعلق ب ( يئس ) وتقديره : يئسوا من بعث أصحاب القبور، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : ما الفائدة في امتحان المهاجرات مع أنهن مؤمنات؟
الجواب : أن الامتحان إنما هو لمعرفة سبب الهجرة، هل كان حبّاً في الله ورسوله، أم كان من أجل الدنيا؟
قال ابن زيد : وإنما أمرنا بامتحانهن، لأنّ المرأة إذا غضبت على زوجها بمكة قالت : لألحقنّ بمحمد.
وقد روي عن ابن عباس أن النبي ﷺ كان يستحلف المرأة فيقول :« بالله الذي لا إله إلا هو، ما خرجتِ من بغض زوج! باللَّهِ ما خرجتِ رغبةً عن أرضٍ إلى أرض! بالله ما خرجت التماس دنيا! بالله ما خرجت إلاّ حباً لله ورسوله! فإذا حلفت على ذلك أعطى زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يرُدّها ».