اللطيفة الثانية : السرّ في ذكر هذه الجملة الاعتراضية ( الله أعلم بإيمانهن ) هو بيان أنه يكفي لنا العلم الظاهر، أمّا العلم الحقيقي الذي تطمئن به النفس وهو الإحاطة بجليّة الأمر، ومعرفة حقيقة الإيمان فإنّ ذلك مما استأثر به علاّم الغيوب، فنحن لنا الظاهر، والله يتولّى السرائر فسبحانه من إله عليم، يعلم السرّ وأخفى!!
اللطيفة الثالثة : الحكمة في عدم ردّ المهاجرات هي أن النساء أرقّ قلوباً، وأسرع تقلباً، وأشدّ فتنةً من الرجال، لأنه لا صبر لهنّ على تحمّل البلاء والأذى في سبيل الله، فرحم الله ضعفهنَّ، ومنع من ردّهن إلى الكفرة المشركين.
اللطيفة الرابعة : أمر الله تعالى بردّ المهر على الزوج الكافر إذا أسلمت زوجته، وذلك من الوفاء بالعهد الذي رعاه الإسلام.
قال القرطبي : وذلك لئلا يقع على الزوج خسران من الوجهين :( الزوجة، والمال )، لأنه لمّا مُنع من أهله بحرمة الإسلام، أمر بردّ المال إليه وذلك من الوفاء بالعهد.
اللطيفة الخامسة : قوله تعالى :﴿ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ فيه إشارة إلى أنه لا صلة بين الإيمان والكفر، فإذا أسلمت الزوجة وزوجها كافر حرمت عليه لعدم التجانس بينهما، فهي مؤمنة وهو كافر، وقد قطعت العلاقة بينهما، وهذا يدل على أن رابطة ( العقيدة ) أقوى من رابطة ( النسب ) فتدبره.
اللطيفة السادسة : روي أن النبي ﷺ لمّا أخذ البيعة على النساء كانت ( هند بنت عتبة ) في النساء المبايعات وهي زوجة ( أبي سفيان ) وكانت مُنْتقبة خوفاً من أن يعرفها النبي ﷺ لما صنعته بحمزة يوم أُحد... فلما قرأ قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَسْرِقْنَ ﴾ قالت هند : إنّ أبا سفيان رجل شحيح، وإني أصيب من ماله قوتنا، فقال أبو سفيان : هو لك حلال، فضحك النبي ﷺ وعرفها، وقال أنتِ هند؟ فقالت : عفا الله عمَّا سلف، أعف يا نبي الله عفا الله عنك!!
فلما قرأ :﴿ وَلاَ يَزْنِينَ ﴾ قالت هند : أوَتزني الحُرّة؟
فلما قرأ :﴿ وَلاَ يَقْتُلْنَ أولادهن ﴾ قالت هند : ربّيناهم صغاراً، وقتلتموهم كباراً، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى... وكان حنظلة ولدها قُتل يوم بدر.
فلما قرأ :﴿ وَلاَ يَأْتِينَ ببهتان يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ﴾ قالت : والله إنّ البهتان لأمر قبيح، ولا تأمرنا إلاّ بالرَّشَدِ ومكارم الأخلاق.
فلما قرأ :﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾ قالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء؟!
اللطيفة السابعة : قال الفراء : كانت المرأة في الجاهلية تلتقط المولود فتقول لزوجها : هذا ولدي منك، فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهنّ.