﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [ الأحزاب : ٤١ - ٤٢ ].
٣- قوله تعالى :﴿ وَتَرَكُوكَ قَآئِماً ﴾، قائماً منصوب على الحال، وصاحب الحال هو النبي ﷺ المشار إليه ب ( تركوك ) أيها النبيّ حال كونك قائماً.
٤- قوله تعالى :﴿ قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهو وَمِنَ التجارة... ﴾ ( ما ) اسم موصول مبتدأ، و ( خير ) خبره، والجملة ( ما عند الله خير ) مقول القول.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : يوم الجمعة كان يسمى في الجاهلية يوم ( العَروبة ). وأوّل من سمّاه جمعة ( كعب بن لؤي ) وروي في سبب تسميته أن أهل المدينة اجتمعوا قبل قدوم النبي ﷺ، لنا يوماً نجتمع فيه فنذكر الله تعالى، ونشكره، فقالوا : يومُ السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى، فاجعلوه يوم العَروبة، فاجتمعوا إلى ( أسعد بن زُرارة ) فصلَّى بهم يومئذٍ ركعتين، وذكّرهم، فسميت الجمعة حين اجتمعوا إليه، فذبح لهم شاة فتغدّوا وتعشّوا منها، فهي أول جمعة كانت في الإسلام.
اللطيفة الثانية : في التعبير بقوله تعالى :﴿ فاسعوا إلى ذِكْرِ الله ﴾ لطيفة وهي أنه ينبغي للمؤمن أن يقوم إلى صلاة الجمعة بجدٍّ ونشاط، وعزيمة وهمَّة، لأن لفظ ( السعي ) يفيد القصد والجدّ والعزة، وليس المراد منه العَدْو في المشي فإنّ ذلك منهي عنه.
قال الحسن :« والله ما هو سعي على الأقدام، ولكنّه سعي بالقلوب وسعي بالنيّة، وسعي بالرغبة، ولقد نُهوا أن يأتوا الصلاة إلاّ وعليهم السكينة والوقار ».
اللطيفة الثالثة : أُطلق لفظ البيع ( وذروا البيع ) وقصد به جميع أنواع المعاملة من بيع، وشراء، وإجارة، وغيرها من المعاملات فهو على سبيل المجاز المرسل.
قال أبو حيان :« وإنما ذكر البيع من بين سائر المحرَّمات، لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق، إذ يكثر الوافدون من القرى إلى الأمصار ويجتمعون للتجارة إذا تعالى النهار، فأُمروا بالبدار إلى تجارة الآخرة، ونُهوا عن تجارة الدنيا حتى الفراغ من الصلاة ».
اللطيف الرابعة : كان السلف الصالح يقتدون برسول الله ﷺ في جميع أفعاله وحركاته وسكناته، حتى ولوْ لم يدركوا السرّ فيه، وذلك من فرط حبِّهم لرسول الله ﷺ، فقد روي عن بعضهم أنه كان إذا صلَّى الجمعة خرج فدار في السوق ساعة، ثم رجع إلى المسجد فصلَّى ما شاء الله تعالى أن يصلي، فقيل له : لأيّ شيء تصنع هذا؟ قال : إني رأيت سيّد المرسلين ﷺ هكذا يصنع، وتلا هذه الآية :﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاوة ﴾.
اللطيفة الخامسة : كان عراك بن مالك إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال :« اللهمّ إني أجبتُ دعوتك، وصلَّيتُ فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين ».


الصفحة التالية
Icon