وانفصام عرى الزوجية بينهما، وعلى المؤمن أن يكون مصاحباً لتقوى الله وخشيته في كل عمل يؤديه، وأمرٍ يقوم به ليكون عمله صحيحاً سليماً.
المعتدة تقعد في منزل زوجها لا يجوز له أن يُخرجها، ولا يجوز لها أن تخرج، ولو أذن لها زوجها بذلك إلا إذا ارتكبت فاحشة محققة تعذّرَ معها البقاء في منزل زوجها فتخرج لذلك، هذا أمر الله وحكمه، وحدُّه الفاصل الذي أقامه لطاعته فمن تعدَّاه، فقد ارتكب ما نهاه الله عنه، وجلب الشر والندم لنفسه، فإنه لا يدري لعل الله يحدث في قلبه ما يغيّر حاله، ويجعله راغباً في زوجه، مريداً إبقاءها في بيته، فإذا تمهّل في أمر الطلاق، واتَّبع ما أرشده إليه الكتاب الكريم كان له سعة فيما يريد، وإلاَّ ندم، ولات ساعة مندم.
وإذا شارفت المعتدة على نهاية عدتها فالخيار للزوج، والأمر إليه، إذا أراد أن يعيدها إلى منزله فعليه أن يعاملها برفق ولين، وإن أراد أن يفارقها فله ذلك مع توفية جميع حقوقها، وسواء اختار المفارقة أو الإمساك فعليه أن يُشهد على ذلك رجلين عدلين في دينهما، وخلقهما، واستقامتهما.
وعلى الشهود أن يؤدوا الشهادة لوجه الله تعالى، ولا يكتموها، أمرٌ من عند الله يتبعه المؤمن ويُخْبتُ له، ويعلم أن أمامه يوماً يسأل فيه عما قدّم وأخر.
وتقوى الله - سبحانه - تجعل للعبد مخرجاً من المضايق مادية كانت أو معنوية، ويرزق الله - القدير - عبده التقي من حيث لا يؤمل، ولا يتوهم، ومن يرجع إلى الله في أموره، ويتوكل عليه حق التوكل، فالله كافيه همَّه، وميسّر عليه أمره، وأمرُ الله وحكمه في الخلائق نافذ لا محالة، يفعل ما يشاء ويختار، ولكن لكل أجل كتاب، ولكل أمر وقت محدد.
وجوه القراءات
مُبيِّنَة : قرأ الجمهور بالكسر، وقرأ ابن كثير وأبو بكر ﴿ مُبيَّنة ﴾ بالفتح.
قوله تعالى :﴿ أَجَلَهُنَّ ﴾ : قرأ الجمهور ﴿ أجلهن ﴾ على الإفراد.
وقرأ الضحاك وابن سيرين ﴿ آجالهن ﴾ على الجمع.
قوله تعالى : بالغٌ أمرَه : قرأ الجمهور بالتنوين ﴿ بالغٌ ﴾.
وروي عن حفص ﴿ بالغُ أمرِهِ ﴾ بالإضافة.
وروي ﴿ بالغٌ أمرُهُ ﴾.
وروي ﴿ بالغاً أمرُه ﴾.
وجوه الإعراب
١- قوله تعالى :﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ هو على حذف مضاف أي لاستقبال عدتهم.
واللام للتوقيت نحو كتبته لليلةٍ بقيت من شهر رجب.
٢- قوله تعالى :﴿ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾.
نصب ( لا تدري ) على جملة الترجي، فلا تدري معلّقة عن العمل، والجملة المترجاة في موضع نصب بلا تدري.
٣- قوله تعالى :﴿ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾.
من قرأ بالتنوين فعلى الأصل، لأن اسم الفاعل هاهنا بمعنى الاستقبال و ( أمرَه ) منصوب باسم الفاعل ( بالغٌ ) لأن اسم الفاعل يعمل عمل الفعل.