« إنَّ من أبغض المباحات عند الله تعالى الطلاق ».
وفي لفظ « ابغضُ الحلال إلى الله الطلاق ».
قال الحنفية والحنابلة : الطلاق محظور لما فيه من كفران نعمة النكاح لقوله ﷺ :« لعن الله كلَّ مِذْواق مِطْلاق » وإنما أبيح للحاجة، ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات التي تتحقق فيه الحاجة المبيحة.
وقد نقل عن ابن حجر أن الطلاق :
أ- إمّا واجب كطلاق المُوْلي بعد التربص مدة أربعة أشهر وطلاقِ الحكمين في الشقاق بين الزوجين إذا لم يمكن الإصلاح.
ب- أو مندوب كأن يعجز عن القيام بحقوقها ولو لعدم الميل إليها، أو تكون غير عفيفة.
ج - أو حرام وهو الطلاق البدعي.
د- أو مكروه بأن سَلِمَ الحالُ عن ذلك كله للحديث.
الحكم الثاني : ما هو الطلاق السّني وما هي شروطه؟
روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلَّق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي ﷺ فتغيظ، فقال : ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، وإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسّها، فتلك العدة التي أمر الله تعالى.
ولهذا الحديث حصل الإجماع على أن الطلاق في الحيض ممنوع، وفي الطهر مأذون فيه إذا لم يجامعها فيه.
والجمهور : على أنه لو طلّق لغير العدة التي أمر الله وقع طلاقه وأثمَ، وذلك لقوله ﷺ :« ثلاثة جدهن جد وهزلهنّ جد : النكاح، والطلاق، والرجعة ».
واختلف الفقهاء فيما يدخل في طلاق السنة.
فقال الحنفية : إن طلاق السنة من وجهين :
أحدهما : في الوقت وهو أن يطلقها طاهراً من غير جماع، أو حاملاً قد استبان جملها.
والآخر : من جهة العدد وهو أن لا يزيد في الطهر الواحد على تطليقة واحدة.
وقال المالكية : طلاق السنة ما جمع شروطاً سبعة :
وهو أن يطلقها واحدة، وهي ممن تحيض، طاهراً، لم يمسها في ذلك الطهر، ولا تقدَّمه طلاق في حيض، ولا تبعه طلاق في طهر يتلوه، وخلا عن العوض.
وقال الشافعية : طلاق السنة أن يطلقها كل طهر خاصة، ولو طلقها ثلاثاً في طهر لم يكن بدعة.
وقال الحنابلة : طلاق السنة أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه.
فالاتفاق واقع على أن طلاق السنة في طهر لم يجامعها فيه، وأما من أضاف كونها حاملاً فلما ورد في حديث عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال لعمر :« مُرْه فليراجعها ثم ليطلقها إذا طهرت، أو وهي حامل ».
وأما العدد والخلاف فيه فبحثه عند قوله تعالى :﴿ الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان ﴾


الصفحة التالية
Icon