[ البقرة : ٢٢٩ ].
وأما قول المالكية :« وهي ممن تحيض » فهذا شرط متفق عليه.
قال الفخر الرازي : والطلاق في السنة إنما يتصور في البالغة المدخول بها، غير الآيسة، والحامل، إذ لا سنة في الصغيرة وغير المدخول بها، والآيسة، ولا بدعة أيضاً لعدم العدة بالأقراء.
وقال أبو بكر الجصاص : والوقتُ مشروط لمن يطلق في العدة لأنَّ من لا عدة عليها بأن كان طلقها قبل الدخول فطلاقها مباح في الحيض.
وأما بقية الشروط فمختلف فيها وتنظر في كتب الفروع.
الحكم الثالث : هل للمعتدة أن تخرج من بيتها؟
دلّ قوله تعالى :﴿ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بفاحشة مُّبَيِّنَةٍ ﴾ على أنّ المطلقة لا تخرج من مسكن النكاح ما دامت في العدة، فلا يجوز لزوجها أن يُخرجها، ولا يجوز لها الخروج أيضاً إلاّ لضرورة ظاهرة، فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدّة، والرجعيةُ والمبتوتةُ في هذا سواء.
واختلف الفقهاء في خروج المعتدة من بيتها لقضاء حوائجها على مذاهب :
أ- قال مالك وأحمد : المعتدة تخرج في النهار في حوائجها، وإنما تلزم منزلها بالليل.
ب- وقال الشافعي : لا تخرج الرجعيّة ليلاً ولا نهاراً وإنما تخرج المبتوتة في النهار.
ج - وقال أبو حنيفة : المطلّقة لا تخرج ليلاً ولا نهاراً، والمتوفّى عنها زوجها لها أن تخرج في النهار.
دليل المالكية والحنابلة :
استدل مالك وأحمد بحديث ( جابر من عبد الله ) قال :« طُلّقت خالتي فأرادت أن تَجُدَ نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي ﷺ فقال :» بلى فجُدّي نخلك، فإنك عسى أن تصدّقي أو تفعلي معروفاً «.
دليل الشافعية :
واستدل الشافعي بالآية الكريمة :﴿ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ ﴾ بالنسبة للمطلقة رجعياً فلا تخرج ليلاً ولا نهاراً.
وامّا المبتوتة فاستدل بحديث ( فاطمة بنت قيس ) فقد ورد في صحيح مسلم أنَّ ( فاطمة بنت قيس ) قالت يا رسول الله : زوجي طلقني ثلاثاً وأخاف أن يُقْتحم عليّ قال : فأمرها فتحولت.
وفي البخاري : عن عائشة أنَّ ( فاطمة بنت قيس ) كانت في مكانٍ وحش فخيف على ناحيتها، فلذلك أرخص النبي ﷺ لها.
دليل الحنفية :
واستدل أبو حنيفة بعموم قوله تعالى :﴿ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بفاحشة مُّبَيِّنَةٍ ﴾ فقد حرمت على المطلّقة أن تخرج ليلاً أو نهاراً، سواءً كانت رجعية أم مبتوتة، وأما المتوفى عنها زوجها فتحتاج للخروج نهاراً لقضاء حوائجها ولا تخرج ليلاً لعدم الضرورة.
قال الحنفية : ليس لها أن تخرج لأن السكنى حق للشرع مؤكد لا يسقط بالإذن حتى لو اختلعت على أن لا سكنى لها تبطل مؤنة السكنى عن الزوج، ويلزمها أن تكتري بيته، وأما أن يحل لها الخروج فلا.
قال الشافعية : إنهما لو اتفقا على الانتقال جاز إذ الحق لا يعدوهما، فالمعنى لا تخرجوهن ولا يخرجن باستبدادهن.


الصفحة التالية
Icon