قال أبو حيان : والأولى أن يقدر « مثل أولئك » أو « كذلك » فيكون المقدر مفرداً.
وجوز عطف هذا الموصول على الموصول السابق، وجعل الخبر لهما من غير تقدير.
والجملة معطوفة على ما قبلها فإعرابه مبتدأ كإعراب ﴿ واللائي يَئِسْنَ ﴾.
٤- قوله تعالى :﴿ وأولات الأحمال ﴾ مبتدأ. وأجلهن : مبتدأ ثان.
وأن يضعن حملهن : خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ وخبره خبر عن المبتدأ الأول.
ويجوز أن يكون ( أجلهن ) بدلاً من ( أولات ) بدل الاشتمال وجملة ( أن يضعن ) الخبر والله أعلم.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : قال أبو حيان : لمَّا كان الكلام في أمر المطلقات، وأحكامهن، من العدة وغيرها، وكنَّ لا يطلقهن أزواجهن إلا عن بغض لهنَّ وكراهة، جاء عقيب بعض الجمل ( الأمرُ بالتقوى ) حيث المعنى مبرزاً في صورة شرط وجزاء في قوله ﴿ وَمَن يَتَّقِ الله... ﴾ إذ الزوج المطلق قد ينسب إلى مطلقته بعض ما يشينها، وينفِّر الخُطَّاب عنها، ويوهم أنه فارقها لأمر ظهر له منها، فلذلك تكرَّر قوله :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله ﴾ في العمل بما أنزله من هذه الأحكام، وحافظ على الحقوق الواجبة عليه من ترك الضرار، والنفقة على المعتدات... وغير ذلك مما يلزمه يرتب له تكفير السيئات، وإعظام الأجر.
اللطيفة الثانية : قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ أَمْرُ الله أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ﴾ إشارة إلى ما ذكر من الأحكام، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد المشار إليه للإيذان ببعد منزلته في الفضل، وإفرادُ الكاف مع أن الخطاب للجمع كما يفصح عنه قوله تعالى :﴿ أَمْرُ الله أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ﴾ لما أنها لمجرد الفرق بين الحاضر والمنقضي لا لتعيين خصوصية المخاطبين.
اللطيفة الثالثة : قوله تعالى :﴿ أَسْكِنُوهُنَّ ﴾ وما بعده استئناف، وقع جواباً عن سؤال نشأ مما قبله من الحث على التقوى في قوله :﴿ وَمَن يَتَّقِ الله ﴾.
كأنه قيل : كيف يعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟! فقيل : اسكنوهن مسكناً من حيث سكنتم.
اللطيف الرابعة : إذا كانت كل مطلقة يجب لها النفقة فما فائدة الشرط في قوله تعالى :﴿ وَإِن كُنَّ أولات حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ ﴾ ؟!
نقول : فائدته أن مدة الحمل ربما طال وقتها بعد الطلاق، فيظن أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار من مدة الحمل، فنقي ذلك الظن بإثبات النفقة للحامل حتى تلد.
اللطيفة الخامسة : في قوله تعالى :﴿ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى ﴾ يسير معاتبة للأم إذا تعاسرت كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى « سيقضيها غيرك وأنت ملوم ».
قال اين المنبر :« وخص الأم بالمعاتبة لأن المبذول من جهتها هو لبنها لولدها، وهو جهة الأب، فإنه المال المضنون به عادة، فالأم إذن أجدر باللوم، وأحق بالعتب، والمعنى ليطلب له الأب مرضعة أخرى فيظهر الارتباط بين الشرط والجزاء ».
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما هي عدة المرأة التي لا تحيض؟
المرأة غير الحائض تشمل من بلغت سن اليأس، والصغيرة التي لم تر الحيض بعد، أما من يئست من الحيض فعدتها ثلاثة أشهر بلا خلاف، وكذا الصغيرة التي لم تحض.


الصفحة التالية
Icon