[ ٨ ] فريضة الصيام على المسلمين
التحليل اللفظي
﴿ الصيام ﴾ : الصم في اللغة : الإمساكُ عن الشيء والتركُ له، يقال : صامت الخيل إذا أمسكت عن السير، وصامت الريح إذا أمسكت عن الهبوب.
قال الراغب : الصوم : الإمساك عن الفعل مطعماً كان أو كلاماً أو مشياً، ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير أو العلف صائمٌ، قال الشاعر :

خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ تحت العَجاج وأخرى تعلك الُّلجما
أي خيل ثابتة ممسكة عن الجري، أو ممسكة عن الطعام، وقال آخر :
حتّى إذا صام النهار واعتدل وسال للشمس لعابٌ فنزل
قال أبو عبيدة : كل ممسكٍ عن طعام، أو كلام، أو سير فهو صائم.
وفي الشرع : هو الإمساك عن الطعام، والشراب، والجماع، مع النيّة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وكمالُه باجتناب المحظورات، وعدم الوقوع في المحرمات.
﴿ فَعِدَّةٌ ﴾ : قال الراغب : العدّةُ هي الشيء المعدود، ومنه قوله تعالى ﴿ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ ﴾ [ المدثر : ٣١ ] أي عددهم. والمعنى : عليه أيام عدد ما قد فاته من رمضان.
قال القرطبي :« والعِدّةُ فِعْلةٍ من العدّ وهي بمعنى المعدود، كالطِحن بمعنى المطحون، تقول : أسمع جعجعةً ولا أرى طِحناً، ومنه عدة المرأة ».
﴿ أُخَرَ ﴾ : جمع أخرى، أي أياماً أخرى، وهي ممنوعة من الصرف لأنها معدولة عن آخر على رأي الكسائي، وعن الألف واللام على رأي سيبويه، مثل : الصُغَر، والكُبَر. وإنما أوثر هنا الجمع لأنه لو جيء به مفرداً فقيل : عدة من أيامٍ أخرى لأوهم أنه وصفٌ لعدة فيفوت المقصود.
﴿ يُطِيقُونَهُ ﴾ : أي يصومونه بمشقة وعسر.
قال في « اللسان » : والإطاقة القدرة على الشيء، وهو في طوقي أي وسعي، وأطاق وإطاقة إذا قوي عليه.
وقال الراغب : والطاقة اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقة، وشبّه بالطوق المحيط بالشيء.
﴿ فِدْيَةٌ ﴾ : الفدية ما يفدي به الإنسان نفسه من مال وغيره، بسبب تقصير وقع منه في عبادة من العبادات، وهي تشبه الكفّارة من بعض الوجوه.
﴿ شَهْرُ ﴾ : الشهرُ معروف، وأصله من الاشتهار وهو الظهور، يقال : شهر الأمر أظهره، وشهرالسيف استلّه، وسمي الشهر شهراً لشهرة أمره، لكونه ميقاتاً للعبادات والمعاملات، فصار مشتهراً بين الناس.
﴿ رَمَضَانَ ﴾ : قال الراغب : رمضان هو الرّمض أي شدة وقع الشمس، والرمضاء شدة حر الشمس، ورمضت الغنم : رعت في الرمضاء فقرحت أكبادنا. وسمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها.
قال الزمخشري :« لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة، سموّها بالأزموة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحرّ فسمي رمضان ».
وقيل : إنما سمّي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها بالأعمال الصالحة.
﴿ الرفث ﴾ : الجماع ودواعيه، قال الراغب : الرفث : كلامٌ متضمنٌ لما يُستقبح ذكره من ذكر الجماع ودواعيه، وقد جعل كناية عن الجماع في قوله تعالى :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نِسَآئِكُمْ ﴾ تنبيهاً إلى جواز دعائهن إلى ذلك ومكالمتهن فيه.


الصفحة التالية
Icon