الحكم الثاني عشر : هل الجنابة تنافي الصوم؟
دلت الآية الكريمة وهي ﴿ فالآن باشروهن وابتغوا مَا كَتَبَ الله لَكُمْ... ﴾ الآية على أن الجنابة لا تنافي صحة الصوم، لما فيه من إباحة الأكل والشرب والجماع من أول الليل إلى آخره، مع العلم أن المجامع في آخر الليل إذا صادف فراغه من الجماع طلوع الفجر يصبح جنباً، وقد أمر الله بإتمام صومه إلى الليل ﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل ﴾ فدلّ على صحة صومه، ولو لم يكن الصوم صحيحاً لما أمره بإتمامه.
وفي « الصحيحين » عن عائشة رضي الله عنها :« أن النبي ﷺ كان يصبح جنباً وهو صائم ثمّ يغتسل » فالجنابة لا تأثير لها على الصوم، ويجب الاغتسال من أجل الصلاة.
الحكم الثالث عشر : هل يجب قضاء صوم النفل إذا أفسده؟
اختلف الفقهاء في حكم صوم النفل إذا أفسده هل يجب فيه القضاء أم لا؟ على مذاهب.
مذهب الحنفية : يجب عليه القضاء لأنه بالشروع يلزمه الإتمام.
مذهب الشافعية والحنابلة : لا يجب عليه القضاء لأن المتطوّع أمير نفسه.
وذهب المالكية : أنه إن أبطله فعليه القضاء، وإن كان طرأ عليه ما يفسده فلا قضاء عليه.
دليل الحنفية :
أ - قوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل ﴾ قالوا : فهذه الآية عامة في كل صوم، فكل صومٍ شرع فيه لزمه إتمامه.
ب - قوله تعالى :﴿ وَلاَ تبطلوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [ محمد : ٣٣ ] والنفل الذي شرع فيه عمل من الأعمال، فإذا أبطله فقد ترك واجباً، ولا تبرأ ذمته إلا بإعادته.
ج - حديث عائشة أنها قالت :« أصبحتُ أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي إلينا طعام فأعجبنا فأفطرنا، فلما جاء النبي ﷺ بدرتني حفصة فسألته - وهي ابنة أبيها - فقال عليه السلام : صوما يوماً مكانه ».
دليل الشافعية والحنابلة :
أ - قوله تعالى :﴿ مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ ﴾ [ التوبة : ٩١ ] والمتطوّع محسن فليس عليه حرج في الإفطار.
ب - حديث « الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ».
الترجيح : ولعلّ ما ذهب إليه الحنفية يكون أرجح لأن النبي ﷺ أمر عائشة وحفصة بصيام يوم مكانه وهو نص في وجوب القضاء والله أعلم.
الحكم الرابع عشر : ما هو الاعتكاف وفي أي المساجد يعتكف؟
قال الشافعي رحمه الله : الاعتكاف اللغوي : ملازمةُ المرء للشيء وحبسُ نفسه عليه، براً كان أو إثماً قال تعالى :﴿ يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لَّهُمْ ﴾ [ الأعراف : ١٣٨ ].
والاعتكاف الشرعي : المكث في بيت الله بنيّة العبادة، وهو من الشرائع القديمة قال الله تعالى :﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ والقآئمين ﴾ [ الحج : ٢٦ ] وقال تعالى :﴿ وَلاَ تباشروهن وَأَنْتُمْ عاكفون فِي المساجد ﴾ ويشترط في الاعتكاف أن يكون في المسجد لقوله تعالى :﴿ وَأَنْتُمْ عاكفون فِي المساجد ﴾ وقد وقع الاختلاف في المسجد الذي يكون فيه الاعتكاف على أقوال :


الصفحة التالية
Icon