٣- كما تجيء فيما ينزل منزلة ما لا يجهله المخاطب كقوله تعالى حكاية عن اليَهُود :﴿ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا في الأَرْضِ قالُوا إِنّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ فادعوا أن كونهم مصلحين أمر ظاهر معلوم.
٤- ليس قولنا: (إنما زيد منطلق) بمنزلة قولنا: (زيد منطلق لا غيره) لأن (إنما) توجب وتنفي دفعة واحدة، وليس كذلك مع (لا) فإنه يفهم منه الإثبات أولا ثم النفي ثانيا، ولا نقول: (إنما زيد منطلق) أو (زيد منطلق لا غيره) إلا إذا كان السامع يتوهم في الشخص المنطلق هل هو زيد أو غيره، فيكون هذا القول قاطعا للشك والغلط عند السامع.
٥- الاختصاص مع (إنما) يقع للمتأخر، فمتى وليها المبتدأ والخبر فالقصر للثاني نحو: (إنما هذا لك) فالمقصور عليه (لك) فإذا أخرت المبتدأ وقدمت الخبر نحو: (إنما لك هذا) كان المقصور عليه (هذا) وشاهد المقصور عليه صحة العطف عليه بـ (لا)، فتقول: (إنما هذا لك لا لغيرك) و (إنما لك هذا لا ذاك).
٦- قد يقصد بـ (إنما) التعريض وحده كقوله سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴾ فهذا تعريض بالكفار بأنهم لا لب لهم، وعلة إفادة (إنما) التعريض أن الكلام يتضمن النفي عن غير المذكور، فالآية السابقة أفادت إثبات التذكر لأولي الألباب وهم المؤمنون، وتضمنت النفي عن غيرهم وهم الكفار، ولهذا لا يحصل التعريض لو أزيلت (إنما) فلو قلت: (يتذكر أولوا الألباب) كان مجرد وصف لأولي الألباب بأنهم يتذكرون.
٧- تأتي (إنما) إثباتا للمذكور ونفيا لما سواه ففيها نفي وإثبات فتشبه من هذه الجهة (ما) و (إلا) إلا أن بينهما فروقا تظهر مما يلي:
أ أنهما ليسا كالمترادفين وإلا لصح استعمل (إنما) في قوله تعالى: ﴿ ومَا مِنْ إِلهٍ إلاَّ اللّهُ ﴾ ولا يصح هذا الاستعمال؛ لأنه سيكون حينئذ (إنما من إله الله) وكذلك في قوله تعالى: ﴿ لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ﴾ سيكون: (إنما عاصم اليوم من أمر الله من رحم).


الصفحة التالية
Icon