وحكم الجار والمجرور حكم المنصوب، فإذا قلت: "ما أمرتك بهذا" فقد نفيت عن نفسك أمره بذلك، ولم يجب أن يكون قد أمرته بشيء آخر، وإذا قلت: "ما بهذا أمرتك" كنت قد أمرته بشيء غيره.
(ما) و (إلا)
وهنا مسائل:
١- يجوز في قولنا: "ماجاءني إلا زيد" أحد غرضين:
أ تعريف المخاطب أنه لم يجئ غيره لا تعريفه بأنه قد جاء.
ب تعريف المخاطب بأن الجائي زيد لا غيره.
٢- متى فصلت "إلا" بين الفاعل والمفعول فالحصر للثاني نحو: "ما ضرب زيدا إلا عمر" وعكسه.
وكذلك المبتدأ والخبر توسط بينهما "إلا" فإن أخبرت الخبر نحو: "ما زيد إلا قائم" فقد قصرت الصفة على الموصوف، وإن عكست: "ما قائم إلا زيد" فقد قصرت الموصوف على الصفة.
٣- إنما اختص ما بعد "إلا" بالحصر لاستحالة ظهور أثر الحرف قبل وجوده.
٤- إن ذكر الفاعل والمفعول بعد "إلا" فالحصر لما يليها.
وكذلك حكم المفعولين نحو: "لم يكس عمرو إلا زيدا جبة" المعنى: أنه خص زيدا بكسوة جبة، ولو قدمت الجبة على زيد صار المعنى أن عمراً أن عمراً خص الجبة من أصناف الكسوة، وكذا الحكم لو يكون بدل أحد المفعولين جارا ومجرورا كقول الشاعر: "ما اختار إلا منكم فارسا" ولو قلت: "ما اختار إلا فارسا منكم" رجع الاختصاص إلى "فارس".
(لا) و (لن)
هذان حرفان يفيدان النفي، بيد أن بينهما فرقا، وهو أن (لا) لنفي ما تمادى زمانه، ويدل على ذلك أن آخره ألف، والألف يمكن امتداد الصوت به.
أما (لن) فهي لنفي ما قرب زمانه، يدل على ذلك أنه لا يمكن مد الصوت به مثل الألف.
ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{٦﴾ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴿٧﴾]الجمعة[


الصفحة التالية
Icon