فـ "إن" الشرطية تعم الأوقات أي تمنوا الموت في أي وقت، ولهذا جاء بعدها بـ "لا" في قوله: ﴿ ولا يتمنونه ﴾.
وجاءت "لن" في قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{٩٤﴾ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ﴿٩٥﴾ } (البقرة) لأن "كان" تدل على الحدوث، كأنه قيل: إن كانت وجبت لكم الدار الآخرة فتمنوا الموت الآن، وعلى هذا لفظ "أبدا" في الآية للزمن القريب تفخيما لأمره.
ويؤيد ما ذكرناه إتيان "لن" في قوله سبحانه ﴿ لن تراني ﴾ وإتيان "لا" في قوله: ﴿ لا تدركه الأبصار ﴾ حيث أريد نفي الرؤية في الدنيا ونفي الإدراك مطلقا.
الركن الثاني:
في مراعاة أحوال التأليف (النظم)
المراد بمراعاة أحوال التأليف: توخي معاني النحو فيما بين الكلم، أي أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو وتعمل على قوانينه وأصوله، وذلك بأن تنظر في وجوه كل باب وفروقه فتنظر في الخبر إلى الوجوه التي تراها في قولك: "زيد منطلق"، و"زيد ينطلق".
وتنظر في الحروف التي تشترك في معنى ثم ينفرد كل واحد منهما بخصوصية في ذلك المعنى، نحو أن تجيء بـ "ما" في نفي الحال، وبـ "لا" إذا أردت نفي الاستقبال، وبـ "أن" فيما يتردد بين أن يكون وبين أن لا يكون، وبـ"إذا" إذا علم أنه كائن.
وتنظر في الجمل فتعرف موضع الفصل فيها من موضع الوصل ثم تعرف فيما حقه الوصل موضع "الواو" من موضع "الفاء" وموضع الفاء" من موضع "أو" وموضع "لكن" من موضع "بل".
وتتصرف في التعريف والتنكير والتقديم والتأخير في الكلام وفي الحذف والتكرار والإضمار والإظهار فتصيب بكل ذلك مكانه وتستعمله على الوجه الذي ينبغي له.
يدل لذلك أنهم وصفوا قول الفرزدق:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
وما مثلُهُ في النّاسِ إِلا مُمَلَّكاً أبُو أمَّهِ حَيٌّ أبوهُ يقاربُه