هذا ولما كان كتاب دلائل الإعجاز للعلامة عبد القاهر الجرجاني من فتح هذا الباب وأسس لهذا العلم وقعده وبين براهينه وأوضحه، قام الكثيرون باختصاره وتقريبه وكان منهم الشيخ عبد الواحد بن عبد الكريم الزملكاني في كتابه التبيان ثم في مختصر أصغر منه سماه "المجيد في إعجاز القرآن المجيد" ولما كانت عباراته معقده، وألفاظه في كثير من الأحيان موهمة وغير بينة، جردت القلم فاختصرته في قريب ثلث حجمه، بألفاظ موجزة، وعبارات منمقة، مع زيادات لطيفة، وإفادات شريفة، حتى غدا نسيج وحده، جديد عهده، يفهمه المبتدي ويستفيد منه المنتهي، ولا أسلم نفسي عن خطأ وزلل، ولا أعصم قولي عن وهم وخطل "فالفاضل من تعد سقطاته وتحصى غلطاته" والسالم كتاب الله سبحانه.
ورجائي أن يدعو لي قارئ هذه الرسالة بظهر الغيب، وإن الملك سيقول له: "ولك مثل ذلك".
الركن الأول في الدلالات الإفرادية
الباب الأول
الحقيقة والمجاز
أ- التعاريف:
١. الحقيقة: استعمال اللفظ فيما وضع له، كالأسد إذا أريد به الحيوان المفترس.
٢. المجاز: استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي.
٣. العلاقة هي: المناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، وقد تكون المشابهة بين المعنيين وقد تكون غيرها فإذا كانت العلاقة المشابهة فالمجاز استعارة وإلا فهو مجاز مرسل.
٤. القرينة: هي المانع من إرادة المعنى الحقيقي.
ب- الخلاف في وجود المجاز:
اختلف أهل العلم في وقوع المجاز على ثلاثة أقوال:
الأول: أن المجاز واقع في القرآن والسنة ولغة العرب، وهذا الذي عليه الجمهور.
الثاني: أن المجاز واقع في اللغة دون القرآن.
الثالث: إنكار المجاز في القرآن والسنة واللغة، وهذا الذي انتصر له الشيخ ابن تيمية.
ج- أنواع المجاز:
ينقسم المجاز إلى : مجاز مفرد، ومجاز عقلي، ومجاز مركب.
وينقسم المجاز المفرد إلى: مجاز مرسل واستعارة.