؟ أن يكون بين الجملتين مناسبة، فيجب ذكر العاطف، ثم لا يخلو أن يكون المحدث عنه في الجملتين شيئين أو شيئا واحدا، فإن تعدد فلا بد من المناسبة بين الأمرين لكونهما متشابهين نحو: "زيد كاتب وعمرو شاعر" أو متضادين نحو: "زيد طويل وعمرو قصير"، فأما إذا كان المحدث عنه في الجملتين واحدا نحو: "فلان يقول ويفعل، ويأمر وينهى" فإدخال العاطف ههنا كالضروري، لن ترك العاطف يجوز أن يكون قولك: "ينفع" رجوعا عن قولك: "يضر".
؟ ليس بين الجملتين مناسبة أصلا، فهنا يجب ترك العاطف أيضا؛ لأن العطف للتشريك، فحيث لا يكون مشاركة أصلا استحال العطف، ومن هنا عابوا أبا تمام في قوله:

لا والذي هُوَ عالِمٌ أنَّ النَّوَى صَبِرٌ وأنَّ أبا الحُسَيْنِ كريمُ
وذلك لأنه لا مناسبةَ بينَ كَرَمِ أبي الحسين ومرارِة النَّوى ولا تعلُّقَ لأَحِدهما بالآخرِ وليس يقتضي الحديثُ بهذا الحديثُ بذاك.
أما قوله تعالى: ﴿ وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا ﴾ مع أن مجيء البأس ينبغي أن يتقدم الإهلاك، فهي على تقدير أردنا أو قضينا بإهلاكها فجاءها بأسنا.
وكذا قوله تعالى: ﴿ وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ﴾ فمحمولة على دوام الاهتداء أي: وعمل صالحا ثم داوم على اهتدائه.
وفي قوله تعالى: ﴿ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ﴾ على معنى أن الرائي لهم يقول هم مائة ألف أو يزيدون، أو أن "أو" للإضراب أي: بل يزيدون.
الفن الحادي عشر
في معرفة أسباب التقديم والتأخير
لما كانت الألفاظ تابعة للمعاني والمعاني تتقدم لاعتبارات خمسة:
١- تقدم العلة والسببية على المعلول والمسبب، كقوله تعالى: ﴿ عزيز حكيم ﴾ لأنه عز فحكم.
٢- التقدم بالذات كالواحد مع الاثنين
٣- بالشرف والرتبة كالأنبياء، نحو: ﴿ من النبيين والصديقين ﴾ ﴿ إنس قبلهم ولا جان ﴾
٤- بالزمان، نحو: ﴿ وعادا وثمودا ﴾.


الصفحة التالية
Icon