٥- الخفة نحو: ربيعة ومضر، مع أن مضر أشرف لكثرة الحركات، وكقوله تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ﴾ وإنما يقدم الأثقل لنشاط المبتدي في أول كلامه
وقد تجتمع صفتان كل واحدة تقتضي التقديم لكن تكون إحداهما أهم في مكان فتقدم، وإن أخرت في غيره من ذلك:
١- قال تعالى: ﴿ إنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾ تقديم الأموال هنا لكونها سببا للأولاد، لأن الإنسان يشرع في النكاح عند قدرته على مؤنه، والنكاح سبب للتناسل، وقدم النساء على البنين وأخر المال عنهما في قوله تعالى: ﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ﴾ لأن الآية مصدرة بالحب والنساء والبنين أقعد في المحبة الجبلية.
٢- قدمت السماء على الأرض لأنها أكمل شرفا، وأخرت في: ﴿ َمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ﴾ لتقدم: ﴿ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً ﴾
الفن الثاني عشر
في قواعد كلية يتعرف بها أحوال النظم
القاعدة الأولى: في ما يتحقق به بيان العبارات:
إنما تتميز إحدى العبارتين على الأخرى لزيادة معناها، فإِذا أفادتْ هذه ما لا تفيدُ تلك فليستا عبارتين عَنْ معنى واحدٍ بل هما عبارتان عن معنيين اثنين، نحو: "زيد كالأسد" فتجعله تشبيها ساذجا.
ثم تقول:"كأن زيدا الأسد" فتكون قد فخمت التشبيه بأن أفدت أنه من الشجاعة بحيث يتوهم أنه الأسد بعينه، فالثانية أبلغ في التشبيه من الأولى.
وإذا سمعت مقولة: " الطباع لا تتغير" ثم سمعت قول المتنبي:
يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقل
علمت بالضرورة أن لهذا المعنى في هذا الشعر من المزية والجمال ما هو غير حاصل له في الكلام الأول.
القاعدة الثانية: في دلالة الكلام: