كل كلام معناه مستفاد منه كـ: "خرج زيد" أو من دلالة معناه نحو: "نؤوم الضحى" ومدار هذا الضرب على الكناية والاستعارة والتمثيل فالأول معنى اللفظ والثاني معنى معنى اللفظ.
ونعني بالمعنى: المفهومَ من ظاهرِ اللفظِ والذي تصِلُ إليه بغيرِ واسِطَة، فظاهر قولنا: "خرج زيد" إثبات الخروج لزيد بمجرد ألفاظ هذه الجملة.
أما معنى المعنى فهو أن تعقِلَ من اللفظِ معنًى ثم يُفْضي بكَ ذلكَ المعنى إِلى معنًى آخر، فقولنا: "فلانة نؤوم الضحى"" المرادُ أنها مترفةٌ مخدومةٌ لها مَن يَكفيها أمرَها، فقد أرادنا معنىً ثم لم نذكرُه بلفظِه الخاصَّ به ولكننا توصَّلنا إليه بذكرِ معنىً آخر.
القاعدة الثالثة: كل لفظ تابع لمعناه:
لو كانتِ المعاني تابعة للألفاظ في ترتيبها لكان محالاً أن تتغيَّر المعاني والألفاظ بحالها لم تَزُل عن ترتيبها فلما رأينا المعاني قد جاز فيها التغيّر من غيرِ أن تتغيَّر الألفاظ وتزولَ عن أماكِنها علمنا أن الألفاظَ هي التابعةُ والمعاني هي المَتْبوعة، وعليه فإن المعنى يقضي على اللفظ بالحذف والإضمار والزيادة ليتم المعنى أو يصح.
مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾ قد يظن أن الدعاء هنا بمعنى النداء فلا يقدر محذوف، وليس هذا هو المعنى، لأنه لو كان هو المعنى للزمه إما الإشراك أو عطف الشيء على نفسه، لأنه إن كان مسمى أحدهما غير مسمى الآخر لزم الأول وإن كانا مسماهما واحدا لزم الثاني وكلاهما باطل فالدعاء في الآية بمعنى التسمية التي تتعدى إلى مفعولين أي سموه الله أو الرحمن أيا ما تسموه فله الأسماء الحسنى.
ومن هذا الباب قوله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ ﴾ بغيرِ تنوين وذلك أنَّهم قد حَملوها على وجهينِ :