إن من المعلوم شرعًا أن القرآن الكريم أكبر مِنَّة امتن الله بها على هذه الأمة، ففيه حياة القلوب و يحصل بالتمسك به سعادة الدارين.
وقد نظم الإمام الشاطبي رحمه الله أبياتًا تكتب بماء الذهب، هذه الأبيات من منظومته ﴿ حرز الأماني و وجه التهاني﴾ المسماة بالشاطبية، يبين فيها فضل القرآن و فضل قارئ القرآن وما يترتب على قراءته من الثواب.
قال رحمه الله :
وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ | فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلاَ |
وَأَخْلِقْ بهِ إذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً | جَدِيدًا مُوَاليهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلاَ |
وَقَارِئُهُ الْمَرْضِيُّ قَرَّ مِثَالُهُ | كاَلاتْرُجّ حَالَيْهِ مُرِيحًا وَمُوكَلاَ |
هُوَ الْمُرْتَضَى أَمًّا إِذَا كَانَ أُمَّةً | وَيَمَّمَهُ ظِلُّ الرَّزَانَةِ قَنْقَلاَ |
هُوَ الْحُرُّ إِنْ كانَ الْحَرِيَّ حَوَارِيًّا | لَهُ بِتَحَرّيهِ إلَى أَنْ تَنَبَّلاَ |
وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ | وَأَغْنى غَنَاءٍ وَاهِبًا مُتَفَضِّلاَ |
وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ | وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلاً |
وَحَيْثُ الْفَتى يَرْتَاعُ فيِ ظُلُمَاتِهِ | مِنَ اْلقَبرِ يَلْقَاهُ سَناً مُتَهَلِّلاً |
هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلاً وَرَوْضَةً | وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِزّ يجتُلَى |
يُنَاشِدُ في إرْضَائِهِ لحبِيِبِهِ | وَأَجْدِرْ بِهِ سُؤْلاً إلَيْهِ مُوَصَّلاَ |
فَيَا أَيُّهَا الْقَارِي بِهِ مُتَمَسِّكًا | مُجِلاًّ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مُبَجِّلا |
هَنِيئًا مَرِيئًا وَالِدَاكَ عَلَيْهِما | مَلاَبِسُ أَنْوَارٍ مِنَ التَّاجِ وَالحُلاْ |
فَما ظَنُّكُمْ بالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ | أُولئِكَ أَهْلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلاَ |
أُولُو الْبِرِّ وَالإِحْسَانِ وَالصَّبْرِ وَالتُّقَى | حُلاَهُمْ بِهَا جَاءَ الْقُرَانُ مُفَصَّلاَ |