عَلَيْكَ بِهَا مَا عِشْتَ فِيهَا مُنَافِسًا وَبِعْ نَفْسَكَ الدُّنْيَا بِأَنْفَاسِهَا الْعُلاَ
شرح الأبيات :
البيت الأول : يذكر الشاطبي رحمه الله أن حبل الله فينا كتابه فجاهد أيها القارئ بهذا الكتاب و بما تضمنه من أدلة وبراهين مكائد خصومه و أعدائه حال كونك متحبلًا بالقرآن، أي جاعله حباله تصيدهم بها إلى الإيمان و الحق.
البيت الثاني : ما أجدر القرآن بالمجاهدة بأدلته وبراهينه لأنه لا يبلى حال كونه سميّ المكانة رفيع المنزلة، وكل من والاه وصافا فهو مستقر على الحد سائر على الحق مستقيم على الجادة حال كونه مهتمًا بها عاملًا بما اشتمل عليه.
البيت الثالث : إن قارئ القرآن العامل به ثبت مقاله مشبهًا بالأترج في حاليه الرائحة و الطعم، وفي ذلك إشارة إلى ما ثبت في الصحيحين عن أي موسى الأشعري أن النبي ﷺ قال :"مثال المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجه ريحها طيب و طعمها طيب "
البيت الرابع : إن قارئ القرآن مرضي قصده، مخلصة نيته لأنه صار بتوجهه للقرآن وعنايته به جامعًا لخصال الغير فيكون بمثابة أمة وقصد ظل العقل و الوقار حال كونه مشبهًا الجبل في السكون و التؤدة و الوقار وجعل الناظم الرزانة هي التي تقصده كأنها تفتخر به و تتزين بأن تظله لكثرة خصال الخير فيه مبالغة في الإشادة بقارئ القرآن.
البيت الخامس : أن قارئ القرآن هو الحر الذي لم يستعبده الهوى، ولم تسترقه الدنيا ولكن إذا كان خليقًا جديرًا بالتحري في القرآن و الاستعداد لحفظه واستظهاره والسير على طريقته حال كونه مخلصًا له نيته موجهًا إليه جميع حواسه وشعوره إلى أن ينبغ في العلم أو إلى أن يموت.


الصفحة التالية
Icon