أنه مصدر جود الشيء إذا حسنه، فالتجويد التحسين، جود الشيء وأجاده إذا
حسنه، وهو يشمل الحسيات والمعنويات، ففي الحسيات يقال: جود فلان
الكتابة، كما في أثر علي رضي الله عنه أنه قال لكاتبه: ألصق روانفك
بالجبوب وخذ المسطر بأباخسك واجعل حندورتيك إلى قيهلي حتى لا أنبس نبسة
إلا أودعتها في لمظة رباطك أو قال في حماطة جلجلانك، وأقم الباء وفرق
السين ولا تعور الميم وجود الله ومد الرحمن وحسن الرحيم، فكل هذا من
تعليم علي رضي الله عنه لكاتبه، فقال: وجود الله أي أحسن كتابتها بأن
لا يقع نشاز في كتابة الألف واللامين والهاء بعد ذلك، ويكون في
المعنويات فتجويد الأسانيد لدى أهل الحديث هو أن تذكر على وجه يزيل
العلة، مثلا إذا كان للإسناد متابعة، وفي تلك المتابعة علة فذكره بدون
تلك المتابعة تجويد له، مثلا إذا أخرج البخاري حديثا في الصحيح وكان في
إسناده مثلا عن محمد بن سيرين والحسن بن أبي الحسن البصري عن أبي هريرة
رضي الله عنه، فتجويد هذا الإسناد، هو أن تحذف منه الحسن البصري،
فتقول: عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، لأن الحسن البصري لم يسمع من
أبي هريرة شيئا، وابن سيرين سمع من أبي هريرة، فالحسن ما يحدث به عن
أبي هريرة كله من المراسيل، وإنما ذكره البخاري هنا متابعة لمحمد بن
سيرين فقط ولم يذكره استشهادا، فتجويد الإسناد أن يحذف منه ما فيه علة،
وهذا في المعنويات، والتجويد في الاصطلاح تعريفه العام أنه تعلم
القواعد والضوابط المتعلقة بمخارج الحروف وصفاتها والوقف والابتداء
والوصل والفصل وتاءات التأنيث المكتوبة بالتاء، فهذا التعريف لنوع
واحد من نوعيه وهو التجويد العلمي، فإذا أضفت إليه: وإتقان ذلك، أي
إتقان التلفظ به وتطبيقه جمع ذلك العلمين معا فعلم التجويد ينقسم إلى
قسمين إلى تجويد علمي وهو معرفة القواعد فقط، وإلى تجويد عملي وهو
تطبيقها وإتقانها، وهذان العلمان يجمعهما هذا التعريف بإضافة الجملة


الصفحة التالية
Icon