الأخيرة إليه، ومن أهل التجويد من يعرفه بتعريف مختصر يتعلق بالجانب
الأول منه فقط، وهو: علم التجويد العلمي فيقول: هو إعطاء كل حرف حقه
ومستحقه، وهذا الذي اختاره المؤلف هنا في هذه المنظومة قال: هو إعطاء
كل حرف حقه ومستحقه، إعطاء كل حرف أي من حروف القرآن حقه وهو صفاته
اللازمة ومستحقه وهو صفاته العارضة لكن هذا التعريف قاصر ناقص فلذلك
عدلنا عنه واخترنا التعريف الأول الذي بيناه، وهذا التعريف إنما يتعلق
بالقرآن لا بغيره، فلا يشمل ذلك النطق بكل حروف العربية لأن للعربية
لهجات ولغات يختلف العرب في أدائها ونطقها، وهذه تشبه في بعضها اللغات،
ولذلك فإن لغة حمير تختلف عن لغة أهل الحجاز حتى في استعمال الألفاظ،
وقد حصل اختلاف بين أهل اليمن وأهل الحجاز لدى الخليفة هارون الرشيد
فقال أحد علماء اليمن إن القرآن نزل بلغتنا، ودليل ذلك قول الله تعالى:
٦٤٨٣١; أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم٦٤٨٣٠; فالتخوف هو الأخذ بالتدريج
شيئا فشيئا وهذا من لغة أهل اليمن، فجاء رجل من أهل الحجاز فقال له
هارون الرشيد: إن هذا يزعم أن القرآن نزل بلغة أهل اليمن، فقال: لا
أدري ما يقول غير أن الله تعالى يقول في كتابه: ٦٤٨٣١; جعلوا أصابعهم في
آذانهم٦٤٨٣٠; ولم يقل: جعلوا شناترهم في صناراتهم، فلغة أهل اليمن وهي لغة
أهل حمير الأذن اسمها الصنارة، والأصابع هي الشناتر، فقال: ٦٤٨٣١; جعلوا
أصابعهم في آذانهم٦٤٨٣٠; ولم يقل جعلوا شناترهم في صناراتهم، فانقطع الرجل،
وكذلك فإن لغات العرب فيها اللهجات التي تأتي غير فصيحة كالكسكسة
والكشكشة فالكسكسة النطق بالكاف كالسين والكشكشة النطق به كالشين
والكشكشة هي لغة تميم والكسكسة لغة بني أسد ومن جاورهم، فمن لغة تميم
قول الشاعر: «أيا شبه ليلى ذا تراعي فإنني** لش اليوم من وحشية لصديق**
فعيناش عيناها وجيدش جيدها ولشن عظم الساق منش رقيق» فهذه الكشكشة