الجرس وهو أشده عليه فإذا انفصل عنه حفظ ما قال له، ومنها أن يأتي في
رؤيا المنام، ومنها ما يكون بالمباشرة، وكل هذه هي من أصناف الوحي وقد
ذكرها الله تعالى في قوله: ٦٤٨٣١; وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من
رواء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم٦٤٨٣٠; فقوله
تعالى: ٦٤٨٣١; وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا٦٤٨٣٠; أي إلا رؤيا في المنام
فالوحي في اللغة يطلق على رؤيا المنام وهي المقصودة هنا، ٦٤٨٣١; أو من وراء
حجاب٦٤٨٣٠; هذا تكليم الله للخلق بالمباشرة، وهو من وراء حجاب كتكليمه لموسى
عليه السلام، أو يرسل رسولا وهو الملَك فيوحي بإذنه ما يشاء مما أنزل
عليه من الوحي وهو كلام الله تعالى، وهذا الكلام كلام الله بلفظه
ومعناه وجاء به الملك من عنده، ولذلك ينسب في تبليغه إلى الملك كما قال
الله تعالى: ٦٤٨٣١; إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم
أمين٦٤٨٣٠; وهو جبريل عليه السلام، ولهذا قال بعدها: وما صاحبكم بمجنون وهو
النبي r، وينسب إلى الرسول المبلغ أيضا عن الملك، ومن ذلك قول الله
تعالى: ٦٤٨٣١; إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون، ولا
بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين، ولو تقول علينا بعض
الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد
عنه حاجزين٦٤٨٣٠; فالمقصود هنا بالرسول النبي r الذي أنزل إليه، فلذلك كان
نزوله كما ذكرنا مختلفا عن غيره من الكتب لهذه الخصائص، وخصه الله
تعالى بعدد من الخصائص العظيمة ومنها إنزاله بالتدريج والتقسيط في ثلاث
وعشرين سنة منجما على خلاف ما كانت تنزل عليه الكتب السابقة، فقد كانت
تنزل دفعة واحدة، فالتوراة كتبها الله لموسى بيمينه في الألواح،
والإنجيل أنزله الله مكتوبا في الصحف إلى عيسى بن مريم والزبور أنزله