إليه تواترا لعلم الله أن تلك الرسالة لا تصلح إلا لذلك الطور البشري،
والله تعالى خلق الناس أطوارا، وقال: &#٦٤٨٣١; لتركبن طبقا عن طبق&#٦٤٨٣٠; وهي مراتب
الخلق وهي تسع بينها الله تعالى في آية المؤمنون: &#٦٤٨٣١; ولقد خلقنا الإنسان
من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة
فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه
خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين&#٦٤٨٣٠; والمقصود بذلك تناميه من صباه إلى
شيخوخته يبدأ ضعيفا ثم يقوى ثم يرجع إلى الضعف والشيبة فتبارك الله
أحسن الخالقين، &#٦٤٨٣١; ثم إنكم بعد ذلك لميتون&#٦٤٨٣٠; &#٦٤٨٣١; ثم إنكم يوم القيامة تبعثون&#٦٤٨٣٠;
وهذه التسع في خلق الإنسان الواحد، وغيرها من الأطوار تمر به المجتمعات
والشعوب والأمم فتمر بالرقي والازدهار والغنى والفقر والتراجع
والانحطاط كل ذلك تمر به الأمم في حضارتها وهي الأطوار، فلهذا كانت
المعجزات السابقة مادية وتكون من جنس ما هو معجز لأهل ذلك الزمان ومن
جنس ما يتوجهون إليه وتتجه إليه حضارتهم فالعرب لما أرسل إليهم صالح
كانت معجزته ناقة لأن الإبل كانت أكبر شيء لدى العرب وأهل مصر لما أرسل
إليهم موسى كانت معجزته العصا التي تأكل ما يأفكه السحرة لأن مستوى
حضارتهم إذ ذاك كان يتعلق بالسحر، وكذلك لما أرسل المسيح بن مريم إلى
أهل الشام كانوا يشتغلون بالطب والحكمة فجاء من غير أب وهو يحيي الموتى
بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه
فيكون طيرا بإذن الله، وهذه أمور وقف دونها العلم ولا يمكن أن يصل
إليها، فهذه معجزات تقوم بها الحجة على كل من شاهدها أو نقلت إليه
تواترا كما صح في صحيح البخاري أن النبي rقال: «ما من نبي بعثه الله
قبلي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا
أوحاه الله إلي فإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة»
ولذلك


الصفحة التالية
Icon