عن كلمة، معناه مع أخرى، فمعا الظرف في الأصل مضاف، والمضاف إليه حذف
فقام التنوين مقامه، وقد سبق أن التنوين يعوض به عن الحرف وعن الكلمة
وعن الجملة، تذكرون ذلك؟ فمعا هنا التنوين الذي فيها نائب عن المضاف
إليه، أي مع كلمة أخرى، أخيرات أي اللواتي في سورة النحل، وهن
الأخيرات، لأن في سورة النحل ثلاثا أخر كتبن بالهاء كما سبق وهن الأول،
عقود الثان هَمْ افتحوا الهاء، يقول إن سورة العقود فيها موضع كتب
بالتاء وهو الثاني من موضعين وردا فيها وهو المقترن بهَمَّ قوم في قوله
تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هَمَّ قوم أن
يبسطوا إليكم أيديهم﴾ وقد عرف هذا الموضع بقوله: هم، أي المرتبط بهم،
هم قوم في الآية، إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم، ويمكن أن تقرأ ثم،
الثان ثم، أي في سورة العقود موضعان والثاني منهما هو الذي كتبت فيه
بالتاء، هم أو ثم، فإذا كانت هم فالمقصود الموضع المرتبط بهم قوم، يا
أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم، أو ثم الثان ثم،
أي في سورة العقود ففيها موضعان الأول منهما كتبت فيه بالهاء، والثاني
هو الذي كتبت فيه بالتاء، لقمان أي في سورة لقمان وذلك في قول الله
تعالى: ﴿تجري في البحر بنعمت الله﴾ فقد رسمت في المصحف بالتاء، ثم فاطر
كذلك التي في سورة فاطر وهي قول الله تعالى: ﴿يا أيها الناس اذكروا
نعمت الله عليكم﴾ في أول السورة، كالطور أي كالتي في الطور فقد رسمت
بالتاء أيضا وهي قول الله تعالى: ﴿فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا
مجنون﴾.
انتهى من هذه الكلمة ثم أتى بكلمة ثالثة وهي لعنة، فقد رسمت بالتاء في
موضعين، الأول منهما في سورة آل عمران فلذلك قال: عمران لعنة بها
والنور الموضع الأول في سورة آل عمران وهو قول الله تعالى: ﴿ثم نبتهل
فنجعل لعنت الله على الكاذبين﴾، والموضع الثاني هو في سورة النور وهو