الثلاثة فمخارج الحروف الكبرى خمسة عند الخليل وسيبويه يجعلها أربعة،
فمنها الجوف وحروفه هي أحرف المد الثلاثة، والحلق، واللسان، والشفتان
والخيشوم، الخيشوم لا يخرج منه إلا الغنة، فالمخارج الأساسية إذن ثلاثة
هي الحلق واللسان والشفتان، وهذه المخارج الثلاثة اجتمعت في مادة الحمد
فحمد الحاء فيها حلقية والميم شفوية والدال لسانية فاجتمعت المخارج
كلها فيها حتى تشترك في حمد الله تعالى، والحمد لله، فما كان منه قديما
وما كان ثناء عليه فهو مستحقه، وما كان محدثا منه فهو فعله فهو له
سبحانه وتعالى، بعد ذلك قال:
الحمد لله وصلى الله على نبيه ومصطفاه
هذه الجملة السابقة وهي "الحمد لله " جملة ظاهرها أنها خبرية لأنها
جملة اسمية، والجملة الاسمية تفيد الدوام والاستمرار وذلك الدليل على
أنها خبرية، مثل قول الشاعر: «قالت أمامة ما تبقى دراهمنا** وما لنا
سرف فيها ولا خرق** إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا** ظلت إلى طرق المعروف
تستبق** لا يألف الدرهم المضروب صرتنا** لكن يمر عليها وهو منطلق** حتى
يصير إلى نذل يخلده** يكاد من صره إياه يمزق»
فهنا قال: لكن يمر عليها
وهو منطلق، هذه جملة اسمية، وهي تدل على الدوام والاستمرار، أما الجملة
الفعلية فهي تفيد التجدد والحدوث، ومنه قول الشاعر وهو النابغة
الذبياني: «أو كلما وردت عكاظ قبيلة** بعثوا إلي خطيبهم يتوسم» -أو
بعثوا إلي عريفهم يتوسم- يتوسم جملة فعلية، وهي تفيد التجدد والحدوث،
مثل قوله: أوكلما وردت عكاظ قبيلة، أي أنها ترده بالتجدد دائما في كل
موسم من مواسم سوق عكاظ، لكن هنا "الحمد لله " هذه الجملة تصلح للخبر
أن يكون الإنسان مخبرا بأن الحمد كله لله ومعنى هذا الثناء عليه بما
أثنى به على نفسه، ويمكن أن تكون إنشائية معناه أحمد الله وعلى ذلك
يعطف عليها الجملة الإنشائية، فلهذا قال: "وصلى الله على نبيه
ومصطفاه " والجملة هنا إنشائية وإن كان الفعل ماضيا إلا أنه يدل على


الصفحة التالية
Icon