فلذلك قال: "على قارئه أن يعلمه " ثم قال: "إذ واجب عليهم " أي على
قرائه، لأن قارئه معناه جمع، إذ واجب عليهم محتم محتم أي مؤكد، والحتم
الإلزام، "قبل الشروع " أي في القراءة، "أولا أن يعلموا " فالعلم
سابق على العمل، ولذلك قال البخاري في الصحيح، باب: العلم قبل القول
والعمل، لقول الله تعالى: &#٦٤٨٣١; فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك&#٦٤٨٣٠;
ولهذا قال الله تعالى: &#٦٤٨٣١; ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر
والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا&#٦٤٨٣٠; "إذ واجب عليهم محتم قبل الشروع "
أي الشروع في القراءة أولا أن يعلموا مخارج الحروف فلا يمكن أن ينطقوا
بها على وجهها الصحيح ما لم يعلموا مخارج الحروف، وبالأخص في زماننا
هذا فلم يعد أحد اليوم من الناطقين بالعربية على وجه السليقة، جميع
العرب اليوم يتعلمون أن الفاعل مرفوع وأن المفعول منصوب وأن المضاف
إليه مجرور، يتعلمون ذلك جميعا، فليس أحد منهم من الناطقين بالعربية
على وجه السليقة وهو الذي يستغني عن الإعراب، كما قال الشاعر: «ولست
بنحوي يلوك لسانه** ولكن سليقي أقول فأعرب»
فلذلك يحتاج إلى تعلم هذه
القواعد اليوم، بخلاف عصر الصحابة والتابعين وأتباعهم فقد كان الناس في
غنى عن ذلك كما قال الشاعر: «ماذا لقيت من المستعربين ومن** قياس
نحوهمُ هذا الذي ابتدعوا** إن قلت قافية بكرا يكون لها** معنى يخالف ما
قاسوا وما ذرعوا** قالوا لحنت فذاك الحرف منتصب ** وذاك منخفض وذاك
مرتفع** وحرشوا بين عبد الله واجتهدوا ** وبين زيد فطال الضرب والوجع»

ضرب عبد الله زيدا وضرب زيد عبد الله، «وحرشوا بين عبد الله واجتهدوا**
وبين زيد فطال الضرب والوجع** فقلت واحدة فيها جوابكمُ** والحق حيث
يقال الحق يتبع** ما كل قولي مشروحا لكم فخذوا** ما تفقهون وما لم
تفقهوا فدعوا** حتى أعود إلى القوم الذين غذوا** بما غذيت به والرأي


الصفحة التالية
Icon