مجتمع** إني غذيت بأرض لا تشب بها** نار المجوس ولا تبنى بها البيع»
جعل هذا حضارة وافدة كما يقال: الدين الجديد أو الدين المستورد «إني
غذيت بأرض لا تشب بها** نار المجوس ولا تبنى بها البيع** لا يطأ الهر
والخنزير تربتها** لكن بها الرئم والرئبال والضبع»
فلذلك قال: إذ واجب
عليهمُ محتم** قبل الشروع أولا أن يعلموا** مخارج الحروف والصفات، أن
يعلموا مخارج الحروف، فلا بد من معرفة المخارج وتعلم الحروف نفسها، ولا
بد كذلك من تعلم الصفات ليلفظوا بأفصح اللغات، أي إذا علموا ذلك
استطاعوا بعده أن يصلوا إلى التجويد العملي وهو التلفظ بأفصح اللغات،
والتلفظ هو إخراج اللفظ، واللفظ في اللغة الرمي والترك، يقال: لفظت
الرحى الدقيق إذا رمت به، ومنه قول غيلان: «عشية ما لي حيلة غير أنني**
بلفظ الحصى والخط في الرمل مولع»
بلفظ الحصى أي رميه، ويطلق على الترك
ومنه لفظت الدابة الحشيش إذا تركته، واللفظ في الاصطلاح هو صوت خارج من
فم مشتمل على بعض الحروف الهجائية تحقيقا أو تقديرا، صوت فيشمل هذا كل
ما تسمعه الأذن، كل ما يتعلق به السمع هو صوت، خارج من فم خرج به أصوات
الأجرام عند اجتماعها أو عند افتراقها، كالانكسار والشق فهذا صوت لكنه
غير خارج من فم، مشتمل على بعض الحروف الهجائية أي التي تكتب من الهجاء
وهو الكتابة بخلاف أصوات البهائم وبخلاف كل صوت لم يحقق في مخرجه فهو
غير حرف غير لفظ، "ليلفظوا بأفصح اللغات " واللغات جمع لغة وهي في
اللغة ما يعبر به كل قوم عن مرادهم، كل ما يدل على مرادك فهو لغة، وفي
الاصطلاح المقصود بها لغة العرب وهي يمثلها كلام الله وكلام نبيه r
والكلام العربي القح أي الفصيح الذي لم يخالط العجم، والمقصود بذلك لغة
العرب ما كان منها أصيلا وما كان معربا، ما كان أصيلا منها كالألفاظ
التي هي أصيلة في العربية وما كان معربا أي نقل من لغة أخرى فاستعمل في


الصفحة التالية
Icon