فالتجويد العلمي وهو تعلم القواعد والضوابط فرض كفاية، يجب على أهل كل
بلد أن يكون فيهم من يتعلمه ويشتغل به، وفرض الكفاية عند طائفة من
الأصوليين أفضل من فرض العين كما قال السيوطي رحمه الله في الكوكب
الساطع: «فرض الكفاية مهم يقصد** ونظر عن فاعل يجرد** وذهب الأستاذ
والجويني** ونجله يفضل فرض العين** وهو على كل رأى الجمهور** والقول
بالبعض هو المنصور** فقيل مبهم وقيل عينا** وقيل من قام به ووهنا**
وبالشروع في الأصح يلزم** ومثله سنتها تنقسم»
وحكمه من الناحية العملية
أي التجويد العملي حكمه الوجوب على الأعيان لأن كل مسلم ذكرا كان أو
أنثى يجب عليه أن يقرأ الفاتحة في الصلاة، ولا يحل له أن يقرأها إلا
على الوجه الصحيح فيجب عليه إذن التجويد العملي الذي هو إتقان الأداء
عمليا، ونحن قسمنا التجويد إلى قسمين هما التجويد العلمي والعملي،
التجويد العلمي هو معرفة القواعد والضوابط المتعلقة بمخارج الحروف
وصفاتها والوقف والابتداء والوصل والفصل وتاءات التأنيث التي تكتب
بالتاء، والتجويد العملي هو إتقان ذلك، أي تطبيق الإنسان لذلك حتى يكون
متقنا له، فحكم ذلك أي التجويد العملي أنه واجب ولكنه يتلقى من أفواه
الرجال قد لا يتعلم الإنسان القواعد والضوابط لكنه يسمع الصوت فيأخذه
كما كان، ولذلك فإن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم قبل ميلاد حفص
الدوري لم يكونوا يتعلمون هذه القواعد ولكنهم كانوا يؤدون القرآن كما
أنزل: &#٦٤٨٣١; ورتلناه ترتيلا&#٦٤٨٣٠; يرتلونه كما بين الله تعالى، وذلك هو التجويد
العملي، ومع ذلك سيأتينا في حكمه إن شاء الله أنه تعتريه أحكام الشرع
باعتبار درجته هو، فمنه ما هو واجب ومنه ما هو سنة ومنه ما هو مندوب
ومنه ما هو مباح، ومنه ما يصل إلى درجة الكراهة ومنه ما يصل إلى درجة
التحريم وسيعقد المؤلف إن شاء الله تعالى بابا لحكمه نؤخر البحث
المستفيض في أحكامه إليه.


الصفحة التالية
Icon