من غير الشروع في أسبابه، فالتمني مذموم والرجاء محمود، ولذلك فإن
عثمان رضي الله عنه قال عند حصاره في الدار، قال: أحتسب على ربي عشرا،
فما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله r
إلى آخر العشر التي احتسبها عثمان على ربه سبحانه وتعالى، ولذلك قال
الله تعالى: &#٦٤٨٣١; ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض&#٦٤٨٣٠; وقد جاء في
حديث فيه ضعف أن النبي r قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني»
فهنا يقول: "راجي
عفو رب " الرجاء كما ذكرنا هذا تعريفه في الاصطلاح، وهو في اللغة يطلق
على الضد، فيطلق على تعلق القلب بالمحبوب ويطلق أيضا على توقع المكروه،
يسمى ذلك رجاء، وبهما فسر قول الله تعالى: &#٦٤٨٣١; من كان يرجو لقاء الله فإن
أجل الله لآت&#٦٤٨٣٠; &#٦٤٨٣١; من كان يرجو لقاء الله&#٦٤٨٣٠; فسرت بأن معناها من كان يحب
لقاء الله، وقد جاء في ذلك عدد من الأحاديث «من أحب لقاء الله أحب الله
لقاءه»
وفسرت بأن معناها من كان يخاف لقاء الله أي يخاف العرض على الله
سبحانه وتعالى ويهابه فإن أجل الله لآت، "راجي عفو رب " والعفو هو
التجاوز عن الخطيئة ومعناه ستر الذنب في الدنيا وعدم المؤاخذة به في
الآخرة، وهو محبوب لا محالة، فالناس يحبون العفو جميعا، وهو مقام من
مقامات أهل الإيمان وإن كان مقام التقوى أفضل منه، ولذلك يقول أحد
الحكماء، «فهبك تنال العفو عن كل زلة** فأين مقام العفو من منزل
الرضا** فما دنس ترجو زوال سواده** كثوب جديد لم يزل قط أبيضا»
ولكن
نظرا لأننا جميعا مقصرون في جنب الله نحن جميعا نحتاج إلى عفوه، ولذلك
أخرج البخاري في الصحيح أن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يوم
مات المغيرة بن شعبة فاجتمع الناس في جنازته قام فيهم خطيبا فقال: أيها
الناس عليكم باتقاء الله وبالسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم


الصفحة التالية
Icon