حروف الإخفاء وهي الخمسة عشر المجموعة في قول الشاعر:
ألا أخفين النون من قبل أحرف
ترى جار دعد قد ثوى زيد في ضنى
أوائل هذا البيت خمس مع العشر
كما ذاق طير صيد سوء شبا ظفر
فهذه خمسة عشر حرفا تخفى عندها النون الساكنة والتنوين، فتكون النون
المخفاة التي لم يبق منها إلا غنتها "كنتم "، فأنت لم تنطق بالنون لم
تحققها في المخرج، فإذا قلت: (كنْتُم) فقد لحنت، فتبقى منها الغنة
فتقول:﴿كنتُم﴾، فالنون في الواقع ما خرجت من مخرجها وإنما خرجت الغنة
فقط، فهذا الإخفاء، فالنون حينئذ حرف فرعي وأصلها النون غير المخفاة،
بهذا نكون قد عرفنا الحروف وعرفنا مواضع المخارج، ويبقى بيان أجزاء
الفم التي هي محال المخارج، العبرة هنا في المخارج بأولها من ناحية
الوجود، لا بأولها عند الخروج، فالهواء منطلق من الرئة فالرئة ما دونها
هو القصبة الهوائية وقد ذكرنا أنها لا يمكن الضغط فيها فلا يمكن أن
يتكون فيها حرف فنتجاوزها لنصل إلى أول مكان يمكن أن يتصور منه الحروف
وهو الجوف، والمقصود به تجويف اللهى، فاللهى هذا المكان يسمى اللهوات
ويسمى اللهاة ويسمى اللهى بالقصر والفتح، فاللهى تجاويفه هي التي تسمى
بالجوف، ويخرج منها حروف المد وهي لهوية، وكذلك هي هوائية لأنها تمشي
في هواء الفم حتى تخرج منه، كما رأيتم السهم يبدأ فيسير في الفم كله
حتى يخرج، ولهذا فالحروف التي تقبل التمطيط والتمديد هي حروف المد
الثلاثة، ويحتاج فيها إلى ضبط بمقدار الحركات، ويضاف إليها الغنة فهي
أيضا قابلة للتمديد والتمطيط، فلذلك نقدرها بمقدارها من الحركات سواء
كان ذلك من حركات الأحرف أي الشكل، أو كان من حركات الأصابع، فمثلا
المدود يقال فيها يمد المد المتصل بمقدار أربع حركات، والمد اللازم
مثلا بمقدار ست حركات ويقال المد الطبيعي بمقدار حركة واحدة، ما
المقصود هنا بالحركة، محل خلاف بين أهل التجويد فقالت طائفة المقصود


الصفحة التالية
Icon