مجهورة، فهذا الفرق إنما هو في اللغة الأعجمية أما في اللغة العربية
فهو بين الفاء والباء، والحسن بن زين رحمه الله ذكر أنه لما أتى بُلَّا
الشقروي في الليل أول ما سمع منه سمعه يقول:
وبعد فَّا جواب نفي أو طلب
محضين أن وحذفها حتم نصب
أول كلمة سمعها منه سمعه يشرح هذا البيت من الألفية: وبعد فا جواب نفي
أو طلب محضين أن وحذفها حتم نصب، وهذا لا شك فيه مبالغة في النطق بها
وهو الترويس الزائد للفاء لكنه يحصل من اختلاط العربية بالعجمية إذا
كان الإنسان متعودا على النطق بالعجمية وبالأخص لغة صنهاجة وقد كان في
بلادنا منها هنا ثلاث لهجات، وبينها فرق في النطق بين اللهجة التي
يتكلم بها الحسنيون واللهجة التي يتكلم بها الديمانيون واللهجة التي
يتكلم بها التندغيون فيه فرق بين هذه اللهجات وهي كلها مؤثرة في النطق
بالحروف، فالحسنيون لهجتهم مؤثرة في الفاء والباء، والديمانيون لهجتهم
مؤثرة في التشديد في تشديد الحروف، والتندغيون لهجتهم مؤثرة في التاء
ينطقونها طاء في كثير من الأحيان بسبب تأثير هذه اللهجة، ومن بطن الشفه
فالفا مع اطراف الثنايا المشرفه وهنا مع ساكنة وهي لغة من لغاتها، ولما
كانت بعدها الهمزة مفتوحة هي همزة أطراف نقل حركة الهمزة إلى الساكن
الصحيح قبلها وهو العين فقال: مع اطراف الثنايا المشرفه فالهمزة منقولة
الحركة إلى العين الساكنة قبلها.
انتهينا إذن من مخارج اللسان وقد رأيتم أن من مخارج اللسان مخرج القاف
ومخرج الكاف ومخرج الجيم والشين والياء ثم مخرج الضاد ثم مخرج اللام ثم
مخرج الطاء والدال والتاء، ثم مخرج أحرف الصفير وهي الصاد والسين
والزاي، ثم مخرج النون ثم مخرج الراء ثم مخرج الظاء والذال والثاء،
مخرج واحد، ثم بعد ذلك مخرج الفاء، انتهينا إذن من مخارج اللسان ونصل
الآن إلى الشفتين والشفتان فيهما مخرجان، فلذلك قال:
للشفتين الواو باء ميم
وغنة مخرجها الخيشوم