التجويد العلمي كفائي واجب كفائي، العملي واجب عيني والعلمي واجب
كفائي، فالعملي لا بد أن تنطق أنت بالفاتحة، ولذلك لا بد أن تنطق بها
على الوجه الصحيح فهو واجب عيني، كل مسلم تجب عليه الفاتحة، والعلمي
وهو معرفة هذه القواعد ودراستها لا تجب على كل أحد، لأن من الناس من
يكون ناطقا بالعربية على وجه السليقة، فلا يحتاج إلى إتعاب نفسه في
تعلم المخارج والصفات كما لم يحتج إلى ذلك أصحاب النبي r، والمؤلف هنا
يقول:
الأخذ بالتجويد حتم لازم
من لم يجود القرَانَ آثم
يقول: الأخذ بالتجويد، معناه تطبيقه، وهو بهذا يشير إلى التجويد
العملي، فهذا الأخذ به أي تطبيقه، وفي حقنا نحن أي غير الناطقين
بالعربية الذين يتعلمون أن الفاعل مرفوع وأن المفعول منصوب وأن المضاف
إليه مجرور هؤلاء لا بد أن يتعلموا فيكون ما يتعلمون به النطق ولو كان
بمجرد المحاكاة واجبا في حقهم، أي السماع من الغير، هذا الجانب من
التجويد العلمي واجب في حقهم ولو بمجرد المحاكاة والتقليد، الأخذ
بالتجويد حتم لازم، بين أن التجويد العملي الأخذ به أي تطبيقه وتنفيذه
حتم أي أوجبه الشارع، وهو لازم أي لا يسقط، والحتم واللازم معناهما في
الأصل واحد، لأن الحتم معناه الشيء الذي لا بد منه لا يستطيع الإنسان
التخلص منه، واللازم هو الملازم لمحله، الذي سقط في محل فلزمه ولم
يتحرك منه، والواجب كذلك، الواجب معناه الساقط الملازم لمحله، وجبت
الشمس معناه سقطت فلزمت محلها، من لم يجود القران آثم، هذا تأسيس على
القاعدة السابقة وهي أن الأخذ بالتجويد حتم لازم، شرح المقصود بالحتمية
واللزوم أنها ليست حتمية صناعية كما يزعمه بعض أهل هذا العلم، فالوجوب
الصناعي مثل قول النحويين يجب للفاعل الرفع، ويقولون: الحرف يجب له
البناء، هذا الوجوب إنما هو وجوب صناعي لا شرعي، فالوجوب الشرعي هو
الذي يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وهذا غير موجود في اللغة إلا بالتعدي


الصفحة التالية
Icon