إذا كان ذلك في النصوص الشرعية، بعض أهل التجويد يرى أن علم التجويد أن
ما يذكر من الوجوب في علم التجويد إنما هو من الوجوب الصناعي، وبعضهم
يرى أنه من الوجوب الشرعي، وقد مال المصنف إلى أنه للوجوب الشرعي،
والواقع أن التجويد تعتريه أحكام التكليف الخمسة، فيكون واجبا، وذلك
القدر الذي تصح به حروف العربية كما ينطق العرب هذه الحروف، القدر الذي
إذا أخل به الإنسان كان ناطقا بغير العربية الذي ينطق الراء غينا مثلا
وهو قادر على نطقها راء، هذا أخذ بغير العربية، فهذا القدر من التجويد
الذي يفرق به بين الراء والغين مثلا وبين الزاي والثاء مثلا والذال هذا
النوع من التجويد واجب قطعا لا خلاف في وجوبه شرعا، النوع الثاني هو ما
يقتضي تحسينا للكلمات بحيث تفهم، كالنطق بالحروف على وجه تتصف فيه
بصفاتها، وتفهم فيه يفهم الإنسان معنى الكلمة إذا سمعها دون لبس، فهذا
سنة لأنه من البيان وهو قاطع لِلَّبْسِ، وهو من التحسين الذي هو مؤكد
فيكون سنة، والقسم الثالث ما كان مندوبا وهو تحسين الصوت بالقراءة بحيث
تؤثر في سامعها ويخشع معها القارئ والسامع، فهذا مندوب، وليس المقصود
به التلحين، بحيث يقع فيها تمطيط أو إسراف في الصفات كالإسراف في
القلقلة أن يقول الإنسان: قال، ونحو ذلك من الإسراف في القلقلة، أو
الزيادة في الغنة إن، فهذا النوع إسراف، فلذلك هو مكروه وهو القسم
الرابع من أقسام التجويد هو التجويد المكروه وهو الإسراف في اتصاف
الحروف وهو درجة من درجات التغني يتجاوز به الإنسان حد تحسين الصوت
فتحسين الصوت مندوب لقول النبي r حسنوا القرآن بأصواتكم، ولقوله: ليس
منا من لم يتغن بالقرآن، ولقوله لأبي موسى: «لقد أوتي هذا مزمارا من
مزامير آل داود»، وأما الألحان التي لا تفسد الحروف ولا تخرجها عن
وضعها لكنها تجعلها بمثابة الرنات الموسيقية وفيها زيادة في الصفات لا
في الحروف، فهذا مكروه لما فيه من القطع عن الخشوع، والتكلف الذي فيه