عن جميع أضداده، إذا قلت لك قم فهذا نهي عن الجلوس وعن الاتكاء وعن
الارتفاق وعن المشي أليس كذلك لأنه أمر بالشيء فهو نهي عن جميع أضداده،
لكن إذا قلت لك لا تقم يجوز أن تجلس وأن تتكئ وأن ترتفق إذا أتيت بأي
ضد فأنت ممتثل للنهي، وبهذا يعلم أن الضد قد يتعدد، فهذه الصفات بعضها
ضده متعدد وهو صفة واحدة لها ضدان، الرخاوة ضدها الشدة والتوسط لها
ضدان، وما سوى ذلك من الصفات كلها لها ضد واحد، فإذن هي إحدى عشرة صفة
متضادة، لا يمكن أن يتصور حرف إلا هو متصف بخمس منها، لأنها متضادة، لا
بد أن يتصف كل حرف بخمس منها، هي الهمس، وضده الجهر، وإنما بدأنا
بالهمس لأنه أقل في الحروف فحروفه هي هذه العشرة التي يجمعها (سكت فحثه
شخص) فهي عشرة، والتسعة عشر الباقية هي حروف الجهر، ثم بعد هذا الصفة
الثالثة هي الشدة، وبدأنا بها كذلك لقلة حروفها في مقابل ضديها، وإلا
فالتوسط أقل منها حروفا، فالشدة حروفها هي (أجدك تطبق)، لما سئل سيبويه
عن حروف الشدة سأله سائل عن حروف الشدة قال: ما حروف الشدة؟ قال: أجدك
تطبق، أي أجدك تطبق فمك عند النطق بها لشدتها، وهي هذه الحروف التي في
هذه الجملة (أجدك تطبق)، أو (أجد قط بكت) كما جمعها المؤلف، لكن هذا
الكلام يؤوله بعض الناس فيشرحه بأنه، بأن الأصل أجد قط بكت، أجد فجزم
الفعل بغير جازم، والمقصود بذلك الإسكان للتخفيف، وقط اسم امرأة وبكت،
ف(أجدك تطبق) أفضل من هذا الجمع، والتوسط اختلف في عدد حروفه فقيل خمسة
وقيل سبعة، فإذا كانت خمسة فيجمعها: (لن عمر) معناه لن يا عمر عمر
منادى ولن فعل أمر، معناه اتصف باللين الذي أمر الله به، ﴿فبما رحمة من
الله لنت لهم﴾
، وإذا كانت سبعا يجمعها: (ولينا عمر)، أو (لم يرو عنا)،
أو (لم ير عونا)، ثلاثة جمل كلها تجمعها، والرخاوة هي لباقي الحروف،
بقية الحروف تتصف بالرخاوة، ثم بعد هذا الاستعلاء، وهو صفة للحرف لكن


الصفحة التالية
Icon