الواقع أنه صفة للسان، نحن نصف به الحرف لكن الواقع أنه صفة للسان،
فاللسان هو الذي يستعلي ويستفل عند النطق بالحرف، فيعلو عند النطق بهذه
الحروف التي جمعها المؤلف بقوله: (خص ضغط قظ)، وهذا ليس جملة مركبة
وإنما هو حروف فقط هي هذه الحروف: الخاء والصاد والضاد والغين والطاء
والقاف والظاء، هذه هي حروف الاستعلاء التي يستعلي عندها اللسان (وفيها
حروف الإطباق أربعة وهي الصاد والضاد والطاء والظاء)، وما سواها من
الحروف حروف استفال وهذه الصفة الأخرى هي الاستفال أي انخفاض اللسان
عند النطق بها، فتتسع الهوة لخروجها وهذه هي حروف الاستفال هي بقية
الحروف، ثم بعد هذا الإطباق، والمقصود به تضخم الحرف في داخل المخرج
حتى يسده، وقد سبق أن الطبق اسم للسماء لأنها تنطبق على الأرض، ويوصف
به المطر كما قال امرؤ القيس:
ديمة هطلاء فيها وطف
طبق الأرض تحرى وتدر
طبق الأرض أي تطبق الأرض كلها فتسترها، وسبق أيضا في حديث أم زرع:
«زوجي عياياء غياياء طبقاء شلك أو فلك أو جمع كلا لك» طباقاء معناه لا
يطاق، يكتم النفس، فحروف الإطباق هي هذه الأربعة الصاد والضاد والطاء
والظاء وهي متوالية في ترتيب المعاجم، الترتيب المعجمي للحروف هي بهذا
الترتيب، ثم بعد ذلك ما عداها من الحروف متصف بصفة هي الانفتاح، والصفة
الأخرى هي الإذلاق، والمقصود بها أن هذه الحروف تخرج من أقرب الفم إلى
الخارج، أي هي من آخر الحروف خروجا، وهذا يقتضي سهولة في النطق بها
ويسرا في خروجها لأنها لم تأت من بعيد ليس فيها شيء من الحلق ولا من
أصل اللسان ولا من وسطه ولا من الجوف كلها من طرف اللسان فدونه، وهذه
الحروف هي التي جمعها المؤلف في قوله: (فر من لب)، والجمع الصحيح هو
الذي ذكرنا وهو: (مر بنفل)، فهذا يجمع حروف الإذلاق، والإذلاق ليس صفة
مفيدة في الحرف لأنه لا يتعلق بذات الحرف إنما هو بيان للينه وسهولته،


الصفحة التالية
Icon