تقول: إعطاء الحروف حقها من صفة لها ومستحقها، وهذا التعريف ناقص ولا
بد أن يستحضر الإنسان الفرق بين الحق والمستحق، فالحق عند أهل التجويد
هو الصفات الأصلية والمستحق هو الصفات العارضة،
ورد كل واحد لأصله** واللفظ في نظيره كمثله
في هذا البيت روايتان، إحداهما:
ورد كل واحد لأصله** واللفظُ في نظيره كمثله
والرواية الأخرى:
ورد كل واحد لأصله** واللفظُ في نظيره كمثله
فالرواية الأولى ورد كل واحد لأصله أي رد كل حرف إلى مخرجه، بأن يكون
الإنسان متعودا على النطق بالحرف من مخرجه تماما، بحيث لو أراد النطق
به في أوضاع مختلفة لم يخرجه من غير مخرجه، كثير من الناس يحاول إخراج
الحرف من مخرجه إذا كان ساكنا أو إذا كان مفتوحا، إما إذا جاء مضموما
فإنه يختلف نطقه به اختلافا ليس راجعا إلى الشكل، الاختلاف في الشكل
مؤثر لا محالة، فالضاد في المغضوب والضاد في الضالين بينهما فرق لكن
المخرج واحد، والصفة واحدة، والفرق إنما هو في الشكل، لكن بعض الناس لا
يكون نطقه في الحرف الواحد مستقيما فيتنوع نطقه به تارة يلفظه هكذا
وتارة يلفظه هكذا وهذا غير مجود، فالتجويد يقتضي رد كل واحد لأصله أي
رد كل حرف لأصله وهو مخرجه، وهذا على ما سبق في العهد بيننا أن نتناسى
النطق السابق لدينا وأن نبدأ الآن بالتعود على إخراج كل حرف من مخرجه
وحده ثم بعد ذلك نركبها،
واللفظِ في نظيره كمثله معناه ورد اللفظ في نظيره وهو الادغام في
نظيره أي فيما يدغم فيه، وهو ثلاثة أقسام المثل والمقارب والمجانس،
ومثل بأحد الأصناف الثلاثة وهو المثل، فاللفظ يدغم في مثله ويدغم في
مقاربه ويدغم في مجانسه، فالمثل هو الحرف نفسه الباء في الباء،
والمقارب هو الحرفان الذان تقارب مخرجاهما واختلف، المخرجان متواليان
بخلاف ما فيه فرق في المخرج بمخرج كامل، مثلا أقصى الحلق تخرج منه
الهمزة والهاء وأدنى الحلق تخرج منه الغين والخاء فهذه وإن كانت من


الصفحة التالية
Icon