حركة وقد تكون سكونا وقد تكون حرفا وقد تكون حذفا، والمقصود بذلك أنها
تأتي بعد الحرف الذي عليه حركة الإعراب، نونا تلي الإعراب، ولذلك تجدون
في الشروح نونا تلي الإعراب أو تلي علامة الإعراب، وقد ذكر ابن مالك
هذا الخلاف في بيت مستقل فقال:
الشكل سابق حرفه أو بعده ** قولان والتحقيق مقترنان
والتحقيق مقترنان، وهذا الخلاف يترتب عليه بعض الأمور في اللغة، منها
ما يتعلق بالترقيق ومنها ما يتعلق بالفك والادغام، وقد كنت في زمن
الصبا نظمت ما يترتب عليه فقلت:
لِلْأُلِّ حذف الواو من يعد اذكرن** والفك في طلل دليل الثاني
للثالث الإعلال في قال الذي** كتبت به أقلام كل بنان
فالأول الذي هو أن الشكل سابق على حرفه دليله حذف الواو في يعد فهي
مضارع وعد، فأصلها يوعد، فسكنت الواو وكانت الفتحة قبل الياء فحذفت
الواو لأنها وقعت بين عدوتيها وهما الكسرة التي بعدها والياء التي
قبلها، فلو كان الشكل لاحقا لحرفه لحالت الفتحة بين الواو والياء، فدل
هذا على أن الشكل سابق لحرفه، فلذلك يقولون وقعت بين عدوتيها فلزم
حذفها، للأل حذف الواو من يعد اذكرن، والفك في طلل دليل الثاني، القول
الثاني وهو أن الشكل بعد حرفه، دليله الفك في طلل، فطلل اجتمع فيه
مثلان ولم يقع فيه إدغام لأن المثلين حيل بينهما بالحركة بحركة الأول
منهما فالفتحة حالت بين اللامين فلذلك لم يدغم اللام في اللام، والقول
الثالث دليله الإعلال في قال وقام، فأصلها قول وقوم فتحرك حرف العلة
وانفتح ما قبلها فوجب قلبه ألفا فالتقى ألفان، فلا بد أن يحذف أحدهما،
وهذا دليل على أن الشكل على الحرف مباشرة لا قبله ولا بعده، إذ لو كانت
الفتحة قبل القاف لم تحل أصلا، فلو قيل إن الفتحة سابقة على القاف في
قام لكانت الفتحة التي على الواو كذلك سابقة فهي أصلها قوم لكانت سابقة
عليها فلم يقع سبب للإعلال، لأن الفتحة التي على الواو ستكون سابقة